انقلاب على أردوجان

انقلاب على أردوجان

انقلاب على أردوجان

 تونس اليوم -

انقلاب على أردوجان

بقلم : عمرو الشوبكي

انقلب الجيش 4 مرات على السلطة السياسية المنتخبة منذ تأسيس الجمهورية، ونجح فى الوصول إلى السلطة بشكل مباشر 3 مرات، فى حين أنه غير معادلات الحكم فيما عُرف بـ«الانقلاب الناعم» فى 1997 وأسقط حكومة زعيم أردوجان الأول، الراحل نجم الدين أربكان، وألغى وجود حزبه الحاكم (الرفاه).

والحقيقة أن انقلاب أمس الأول أقرب لتمرد قادته مجموعة من ضباط الجيش برتبة عقيد، وبمشاركة 5 لواءات، فى حين أن هيئة أركان الجيش التركى لم تشارك فى الانقلاب (هناك تحقيقات ستثبت إذا كان بعضهم قد تواطأ أم لا)، وفى بلد مثل تركيا لا يمكن أن تنجح فرقة فى الاستيلاء على السلطة وفرض أمر واقع جديد مثلما يحدث فى جمهوريات الموز، إنما لابد لكى ينجح هذا النوع من الانقلابات أن تكون قيادة المؤسسة العسكرية وراءه ومشاركة فيه، وهو ما لم يحدث.

ويمكن اعتبار ما جرى فى تركيا صرخة احتجاج أو تمرد على سياسات أردوجان، التى قسمت المجتمع التركى ودخلت فى معارك مع جيرانها، حتى وصل به الأمر إلى التواطؤ مع تنظيم داعش الإرهابى حتى اكتوت تركيا كلها بناره.

يقيناً محاولة فريق من الجيش التركى الانقلاب على نظام أردوجان لن تحل مشاكل تركيا، إنما ستعقدها، وأمنيات بعض البسطاء فى مصر بسقوط أردوجان بانقلاب عسكرى تعنى عدم فهم التطور الذى حدث فى المجتمع التركى، فهناك حزب حاكم قوى بظهير شعبى حقيقى، وهناك معارضة علمانية قوية تسيطر على مدن بأكملها مثل العاصمة أنقرة، وهناك مجتمع أهلى ممول محليا ظل مستقلا عن الدولة وفى غاية القوة، كما أن هناك طبقة عريضة من رجال الأعمال المنتجين، الذين بنوا داخل بلادهم قاعدة صناعية وزراعية وتجارية ضخمة، وهؤلاء جميعا لم يقبلوا بالحكم العسكرى، ومعهم أغلب الشعب التركى، بما فيهم معارضو أردوجان.

والحقيقة أن تركيا بلد شبه متقدم يُعتبر اقتصاده من أكبر 20 اقتصادا فى العالم، وجيشه ترتيبه العاشر عالميا (الجيش المصرى ليس بعيدا عنه، وترتيبه الرابع عشر عالميا)، وأن تجربة أردوجان كانت تجربة نجاح لمدة عشر سنوات قبل أن تصيب الرجل غواية السلطة ويتحول إلى حالة استبداد وتسلط لافتة فى المنطقة.

لقد دخل أردوجان داخليا فى عداء مع الأكراد ومع جماعة عبدالله جولن الدينية المستنيرة، التى دعمته لسنوات طويلة، وعَمَّق خلافاته مع حزب الشعب الجمهورى- تيار المعارضة الرئيسى- ثم غير الدستور التركى ليتيح له البقاء الأبدى فى السلطة كرئيس مطلق الصلاحيات.

والمفارقة أن الرجل- الذى بقى فى الحكم 15 عاما، ويرغب فى البقاء 7 سنوات أخرى- يعطى مصر والعالم العربى دروساً فى الديمقراطية، وهو المسؤول عن تحويل تجربة نجاح اقتصادى وسياسى فى تركيا إلى تجربة أزمة وتعثر.

رسالة الاحتجاج التى قام بها فصيل فى الجيش التركى وسقوط حوالى 150 قتيلا وما يقرب من 2000 جريح لا يتحمل مسؤوليتها الانقلابيون فقط، إنما أساساً حكم أردوجان وسياساته وتسلطه ورغبته المحمومة فى البقاء الأبدى فى السلطة.

فهل سيراجع نفسه ويتصرف بحكمة أم سيستمر على غطرسته وسيفجر الوضع داخل تركيا؟

لا أتوقع أن يراجع أردوجان سياساته الداخلية، حتى لو حَسَّن علاقاته الخارجية، رغم أن تركيا تحتاج إلى صيغة سياسية جديدة تتجاوز تسلط أردوجان، وهى قادمة لا محالة، ولكنها ستصبح قضية المجتمع لا الجيش.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انقلاب على أردوجان انقلاب على أردوجان



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia