3 سنوات على رابعة

3 سنوات على رابعة

3 سنوات على رابعة

 تونس اليوم -

3 سنوات على رابعة

بقلم : عمرو الشوبكي

حين كتبت منذ ثلاث سنوات مقال «جرح رابعة» رفضه الإخوان كما هى العادة، ومعهم المطبلون وأصحاب العقول الممسوحة، فى حين تفهمه قطاعٌ يعتد به من التيار المدنى المؤيد لـ30 يونيو، ومعهم قطاعٌ عاقل من المؤيدين للحكم الحالى.

والحقيقة أن جرح رابعة إنسانى بالأساس، بعيداً عن الموقف من الإخوان ومسؤولية قادتهم الأولى عن الدماء التى سالت فى ميدان رابعة العدوية، وإصرارهم على التمسك باعتصام مسلح لم تعرفه مصر منذ عقود طويلة، وتسبب مع خطابهم التحريضى والتكفيرى على منصة رابعة، بجانب أخطاء مؤكدة وقعت فيها الشرطة، إلى سقوط هذا العدد الهائل من الضحايا الأبرياء (فى معظمهم).

والمؤكد أن العدد الأكبر من ضحايا رابعة كانوا من المدنيين غير المسلحين الذين أكدت معظم التقارير المصرية، وعلى رأسها تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، وأن غالبيتهم الساحقة كانوا من المتظاهرين السلميين، وأكدت أيضا وجود عناصر مسلحة قدرت بحوالى 19 عنصرا، أطلقت الرصاص أولا على رجال الأمن واستشهد على إثرها نقيب شرطة، فخرجت الأمور عن السيطرة، وحدثت تجاوزات كثيرة صاحبت عملية الفض وأدت لوفاة 700 مواطن مصرى.

والمؤكد أن عمق الخلاف السياسى فى مصر وتحريض وممارسة كثير من الإخوان للإرهاب وشماتتهم فى موت أى ضحية ولو فناناً طالما عارضهم، كل ذلك جعل قطاعا واسعا من الشعب المصرى يرى رابعة فقط على أنها بؤرة إرهابية، ويتغاضى عن حقوق مئات الضحايا الذين سقطوا دون أن يحملوا السلاح، وأن نتعامل مع دمائهم بحياد واضح لأنهم حملوا رؤية خاطئة، وذهبوا للمكان الغلط والتوقيت الغلط، وشاركوا فى اعتصام رفضه غالبية الشعب المصرى.

أن يُفض الاعتصام نعم، وأن تضطر الشرطة لفضه بالقوة فى ظل وجود هذه العناصر المسلحة أمرٌ وارد، إنما أن ندخل تعويض أهالى الضحايا فى مساومتنا السياسية فهذا خطأ كبير.

ما حافظ على مصر أن انقسامها السياسى لم يتحول إلى انقسام مجتمعى شامل، أو إلى مواجهات أهلية، وأن فتح ملف ضحايا رابعة سيؤدى إلى الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعى المصرى بعد حالة الاستقطاب الشديد التى تعرض لها، خاصة أننا مقبلون على قرارات اقتصادية صعبة تحتاج فيها البلاد إلى قدر أكبر من التماسك المجتمعى.

نحن فى حاجة لأن تعترف الدولة بأخطائها فى حال ثبوتها، وتحاسب المسؤولين عنها دون أن تكون رد فعل لما يفعله الإخوان، فهى تعوض مواطنين مصريين بمنطق جَبْر الضرر، كما حدث فى مجتمعات كثيرة، حتى لو سقطوا فى المكان الخطأ ودفاعاً عن القضية الخطأ، فإن حقوقهم يجب أن تظل مصونة ولا تخضع لأى أهواء سياسية.

حين نفتح ملف تعويض الضحايا، لن يكون ذلك بسبب الإخوان أو لصالحهم، إنما لصالح الوطن ولصالح بناء دولة القانون والعدل، وبناء حائط صد حقيقى يحول دون انجرار مزيد من الشباب نحو ممارسة العنف والإرهاب، بسبب دعاية خطاب المظلومية الإخوانى ويدفع ثمنه الشعب كله، وفى الصف الأول رجال الشرطة والجيش.

المصالحة المجتمعية لا تعنى المصالحة السياسية، وفتح ملف ضحايا رابعة لا يعنى، كما يتوهم البعض، فتح باب المصالحة مع الإخوان، فالمصالحة لن تكون مع تنظيم عقائدى مغلق مثل الإخوان، يرى نفسه فوق الدولة والشعب، إنما ستكون مواجهة أحد جوانب الانقسام المجتمعى، والحفاظ على التماسك الأهلى فى بلد يعانى من مشاكل اقتصادية وسياسية عميقة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

3 سنوات على رابعة 3 سنوات على رابعة



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia