إرهاب المشجعين

إرهاب المشجعين

إرهاب المشجعين

 تونس اليوم -

إرهاب المشجعين

بقلم : عمرو الشوبكي

أعلنت فرنسا حالة التأهب القصوى مع انطلاق بطولة أوروبا لكرة القدم (يورو 2016)، تخوفاً من عمل إرهابى جديد، ونجحت حتى الآن فى تأمين البلاد من خطر الإرهاب، وراقبت حدودها بشكل صارم، ولم تعط تأشيرة دخول لآلاف العرب والمصريين ممن استوفوا كل الشروط المطلوبة بسبب أسمائهم، نتيجة احتياطات أمنية مبالغ فيها لتأمين البطولة الأوروبية الأكبر فى كرة القدم من خطر الإرهاب.

وقد ذكرتنى مشاهد العنف بين المشجعين الأوروبيين بفيديو فرنسى ساخر انتشر عقب تفجيرات باريس الإرهابية، وعرض قيام شابين بسرقة أحد المتاجر، وأخذا مجموعة من رواده كرهائن، وجاءت الشرطة ومعها أحد الأئمة المسلمين وطالبوهم بالإفراج عن الرهائن لأنه عمل ضد الإسلام، فما كان من أحد الشباب إلا أن رد عليه قائلا نحن لسنا إسلاميين، وهنا صرخ رجال الشرطة من الفرح وخرج الشابان من المتجر أمام تصفيق رجال الأمن لأنهم باتوا فقط مجرد مجرمين وسارقين لا «إرهابيين إسلاميين»، وانتهى الفيديو بشكل ساخر وهو يصور قيام عمدة المدينة ورجال الشرطة بتكريم الشابين وهم يرددون: أنتم رجال الجمهورية الفرنسية الحقة الذين رفضوا الإرهاب.

وكما هى عادة كثير من دول العالم ونظم الحكم، فإن الخطر كثيرا ما يأتى من «حيث لا نحتسب»، فقد ركزوا على إرهاب الدواعش المسلمين اسماً، ونسوا إرهاب المشجعين الأوروبيين، فى مشهدٍ دلّ على عمق مشكلة العنف فى المجتمعات الأوروبية.

صحيح أن الصحف البريطانية هاجمت ما فعله بعض المشجعين البريطانيين فى شوارع مارسيليا، ووصفوه بـ«يوم العار»، وأعلنوا سحب 2000 جواز سفر من مشجعيها المشاغبين ومنعهم من السفر، واعتذر الاتحاد الروسى لكرة القدم عما بدر من جماهيره أثناء مباراتهم مع إنجلترا من إلقاء قنابل غاز ووعدوا بالتحقيق مع المشاغبين رغم ما بين روسيا وأوروبا من خلافات سياسية عميقة.

الاشتباك الذى حدث بين جماهير إنجلترا والشرطة الفرنسية، وبين الأولى والجماهير الروسية كان دمويا وقاسيا، وسقط فيه ما يقرب من 30 جريحا، ثلاثة منهم فى حالة الخطر، وهو أمر تكرر فى مدينة نيس بين جماهير بولندا وأيرلندا الشمالية، وفى مدينة ليل بين بعض الجماهير الألمانية والأوكرانية، حتى عكس العنف أزمة اجتماعية عميقة لم تستطع أوروبا حلها حتى الآن.

وغلب العنف هذه المرة على المشهد الأصلى، أى مباريات الكرة، ونقلت القنوات الإخبارية فى دول العالم اشتباكات الشوارع أكثر مما تحدثت عن كرة القدم.

والحقيقة أن عنف الملاعب عابر للقارات، وما جرى فى فرنسا يعكس أزمة مجتمعية كبيرة داخل أوروبا، فهو يفتح باب النقاش مرة أخرى حول تحول التنافس الرياضى، خاصة الكروى، إلى نوع من الحروب السلمية أو الناعمة بين الدول، فالمشاعر القومية تخرج فى مباريات الكرة بشدة، والتعبئة التى تقوم بها كل دولة خلف فريقها تذكرك بتعبئة الأمم خلف جيوشها فى أثناء الحروب، وفرحة النصر تتحول إلى انتصار كامل لأمة وليس مجرد انتصار فريق كروى.

يقينا، درس فرنسا يقول إن المجتمعات الأوروبية بها انقسامات عميقة، وإن خطر الإرهاب ليس هو الخطر الوحيد الذى يواجه أوروبا والعالم حتى لو كان الأسوأ، فهناك أخطار كبرى تهدد الجميع، وأهمها ظاهرة عنف الملاعب، لأنها فى الحقيقة تتجاوز الملعب والمباراة لتصل إلى عمق المجتمعات.

وسيظل يحسب لأوروبا قدرتها على الاستمرار فى التعاون والعمل المشترك سواء من خلال الاتحاد الأوروبى أو من خارجه رغم إرهاب المشجعين المرشح للتفاقم مع كل يوم جديد من أيام البطولة الأوربية، رغم وجود 90 ألف شرطى لتأمين البطولة استعدوا لمواجهة خطر الإرهاب ونسوا خطر المشجعين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب المشجعين إرهاب المشجعين



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia