صعوبة إسقاط النظام الإيرانى

صعوبة إسقاط النظام الإيرانى

صعوبة إسقاط النظام الإيرانى

 تونس اليوم -

صعوبة إسقاط النظام الإيرانى

عمرو الشوبكي
بقلم - عمرو الشوبكي

استسهل البعض الحديث عن إسقاط النظام الإيرانى عقب الاحتجاجات التى شهدتها البلاد مؤخراً دون تقديم قراءة دقيقة لطبيعة هذا النظام والفرص المتاحة أمام تغييره وإصلاحه لا إسقاطه.

والحقيقة أن النظام الإيرانى يمتلك أوراق قوة كثيرة وأوراق ضعف أيضاً؛ فقوته تكمن فى أن هناك تياراً شعبياً وعقائدياً مؤيداً للمرشد يمثل جزءاً يعتد به من الشعب الإيرانى، كما أن طبيعة النظام السياسى نفسه، الذى يسمح بتنافس بين أجنحته المختلفة، أدت إلى تسكين كثير من الصراعات واستيعابها داخل مؤسسات النظام.

صحيح أن الإيرانيين سئموا فى الفترة الأخيرة عدم حدوث أى تغيير فى بنية النظام نتيجة هذا التنافس بين أجنحته المختلفة، وخاصة منذ انتخاب الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى، قبل أكثر من عشر سنوات، لأن القواعد التى تحكم طبيعة النظام الحاكم والصلاحيات المطلقة التى يستحوذ عليها مرشد الجمهورية تجعل فرص التغيير من داخل النظام صعبة للغاية.

هذه المعادلة جعلت خروج الناس فى احتجاجات أمراً متكرراً، لأن من ينتخبونهم فى البرلمان وفى الرئاسة من القوى الإصلاحية لا يمكنهم إحداث أى تغيير بسبب صلاحيات المرشد الهائلة المرتبط بنظرية ولاية الفقيه التى وضعها الإمام الخمينى، فهو قائد الجيش، ويحق له تعيين وعزل 6 أعضاء من علماء الدين فى مجلس صيانة الدستور ورئيس السلطة القضائية ورئيس مؤسسة الإذاعة والتليفزيون والقائد الأعلى للحرس الثورى الإسلامى وقوى الأمن، وهناك ممثلون للمرشد يعينهم فى كل وزارة أو مؤسسة حكومية مهمة، كما يشرف على المكاتب الثقافية للسفارات الإيرانية ويتولى إيصال الدعم المالى للحركات الإسلامية «الصديقة»، متخطياً بذلك الرئيس ووزير الخارجية.

والحقيقة أن هذه الصلاحيات عطلت من قدرة أى رئيس منتخب على إحداث أى تغيير فى النظام السياسى الإيرانى منذ نشأته، وحتى هذه اللحظة، ولذا اختارت الجماهير فى مرات عديدة النزول للشارع، احتجاجاً على النظام القائم.

وفى كل مرة تتعطل قدرتها على التغيير لأن المرشد الأعلى لديه رصيد شعبى فى إيران، وهو يذكرنا بحزب أردوغان ونظم سلطوية بها تعددية مقيدة مثل فنزويلا، وهذه النظم من المستحيل أن تقضى عليها أو يكون تغييرها مرادفاً لإسقاطها أو لاختفاء فكرتها وظهيرها الشعبى مثل نظم ديكتاتورية كثيرة حكمت فقط بالحديد والنار ولم تمتلك أى دعم شعبى.

فى كل مرة يتظاهر الشعب الإيرانى ضد صلاحيات المرشد تخرج مظاهرات كبيرة مؤيدة للمرشد، صحيح أن شعبية النظام الحاكم تراجعت، إلا أن ذلك لا ينفى وجود دعم شعبى لنظام ولاية الفقيه.

مع هذه النوعية من النظم التى هى سلطوية فى جوهرها وفى نفس الوقت لديها رصيد شعبى مثل النظام الإيرانى لا يصبح المطروح إسقاطه إنما تغييره وإصلاحه، وصيغة الإصلاح فى إيران ستبدأ بعودة رجال الدين إلى لعب دور «المرجعية الناصحة» وليس دور المرشد الآمر الناهى.

سأكرر ما سبق أن أشرت إليه حول «المستقبل المتفائل» للنظام السياسى الإيرانى حين يصبح منصب المرشد الأعلى مثل منصب ملكة بريطانيا، أى زعيم روحى ورمزى يملك ولا يحكم، أى قائد لديه سلطة معنوية لا سلطة سياسية.

إذا نجحت معادلة التغيير بإيران فى أن تقلص صلاحيات المرشد فإنها بذلك تكون أخذت الخطوة الأولى فى اتجاه بناء إيران الديمقراطية الجديدة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صعوبة إسقاط النظام الإيرانى صعوبة إسقاط النظام الإيرانى



GMT 04:36 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

صراع خامنئى وروحانى

GMT 06:50 2017 الثلاثاء ,30 أيار / مايو

لماذا لا يصدقون قطر ؟

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:37 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي أجود أنواع البلسم الطبيعي للشعر المصبوغ

GMT 02:12 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق بالبيج والنبيتي من لبنان

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 16:23 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

تعرف على المطاعم في العاصمة الكينية "نيروبي"

GMT 18:51 2019 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

السمك يحمي صغيرك من الإكزيما
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia