معركة الوراق

معركة الوراق

معركة الوراق

 تونس اليوم -

معركة الوراق

بقلم : عمرو الشوبكي

كشفت معركة جزيرة الوراق حجم الأزمة التى باتت تهدد البلاد بسبب غياب أى حوار مجتمعى وسياسى مثلما غابت من الأساس فكرة النقاش العام، وأصبحت القرارات تجهز فى دوائر ضيقة محدودة الكفاءة، معدومة الخيال، والمطلوب من الجميع التنفيذ الفورى.

قضية جزيرة الوراق ليست فى صراع بين من يدافعون عن هيبة الدولة وتطبيق القانون، وبين من يريدون هدمها وعدم احترام القانون، لأن كل من يحاول أن يختزل الأمر فى مخالفات بعض الأهالى بالبناء غير القانونى على الجزيرة يزور الحقائق ويتواطأ مع الفوضى والعشوائية، مثل أى معتد على أرض الدولة، لأنه لا يوجد خلاف حول حق الدولة فى مواجهة أى مخالفات فى الوراق أو فى الحزام الأخضر، بشرط تطبيقها على الجميع دون أى تمييز.

والحقيقة أن قضية جزيرة الوراق ليست مجرد عدة بيوت بنيت على أرض زراعية أو على أراض مملوكة للدولة، إنما هى تقريبا مدينة كاملة بها مئات الوحدات السكنية ويعيش عليها ما يقرب من 60 ألف مواطن وتبلغ مساحتها 1400 فدان ولا تمتلك الدولة فيها (كما ذكر رئيس المجلس المحلى السابق لحى الوراق) إلا 60 فدانا فقط، وبالتالى تصبح قضية تفريغها من السكان أو هدم بعض المساكن المخالفة ليست قرارا أمنيا إنما هى قضية كبرى لها أبعاد اجتماعية وثقافية وسياسية.

ولعل البداية تبدأ بالشفافية، تلك الكلمة التى غابت عن نظامنا السياسى منذ عقود بتوضيح أسباب إصرار الدولة على أخذ الجزيرة، هل قصة المستثمر الإماراتى حقيقية؟ وهل هناك نية لضخ استثمارات تجارية واقتصادية فى الجزيرة ذات الموقع الفريد والخلاب تعود بالنفع على الجميع؟ ولماذا لا تقول الحكومة ذلك بوضوح هل خوف من الحسد؟ أم رغبة فى عدم تعويض الأهالى تعويضا مناسبا.

أما قرارات الإزالة فلم تخرج قصاصة واحدة من الحكومة ولجانها المختصة تحدد عدد المساكن المخالفة وطبيعة المخالفات، وتمهل سكانها فرصة لتقنين أوضاعهم إذا كانت لديهم فرصة للقيام بذلك، وهل تنوى مثلاً أن تقيم مشاريع خدمة عامة للناس مستشفيات مدارس حديقة عامة؟.

الحقيقة أن هناك «الوراق» فى كل بلاد العالم الثالث، ولكننا شهدنا إدارة سياسية ومبادرات أهلية وشفافية ووضوح فى التعامل مع كل «وراق»، فمن عشوائيات إسطنبول التى غابت تقريبا حتى بلد مثل البرازيل التى عانت من العشوائيات والبنايات المخالفة إلا أنها اعتبرت أى مشروع استثمارى يأتى لمنطقة عشوائية فرصة ليس فقط لتعويض السكان ماديا (وهو مؤكد) إنما أيضا تأهيلهم لكى يستطيع ولو قسم منهم أن يعيش فى مكانهم القديم بعد أن أصبح جديدا وراقيا ويكون لهم حصة أكبر فى العمل داخله (فعلنا ذلك جزئيا فى حديقة الأزهر) بطريقة التمييز الإيجابى حتى لا يكرهوا الدولة ويعتبروها سالبة لحقوقهم، ويشعروا بالتهميش والإقصاء الذى يخرج الجريمة والعنف، وأحيانا الإرهاب.

ما جرى فى جزيرة الوراق هو «غشم مجانى» وعكس كل تجارب النجاح وستكون لهذه الطريقة تداعيات خطيرة على استقرار هذا البلد وأمنه، فالمطلوب الوصول لنفس النتائج أى تنفيذ القانون بوسائل وطرق مختلفة قد يلجأ فيها للقوة كحل أخير فى حال فشل كل الوسائل المجتمعية الأخرى والتى لم يجربها الحكم مرة واحدة.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة الوراق معركة الوراق



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia