ماذا بقى من تحالف 30 يونيو

ماذا بقى من تحالف 30 يونيو؟

ماذا بقى من تحالف 30 يونيو؟

 تونس اليوم -

ماذا بقى من تحالف 30 يونيو

بقلم : عمرو الشوبكي

تحل غداً الذكرى الرابعة على انتفاضة الشعب المصرى فى مواجهة حكم الإخوان عبر تحالف سياسى عريض ضم منتمين للحزب الوطنى الديمقراطى وأحزابا سياسية مدنية معارضة لمبارك وللإخوان من حزب الوفد مرورا بأحزاب الاجتماعى الديمقراطى والدستور والمصريين الأحرار، وانتهاء بالتجمع واليسار الناصرى. تشكيلة سياسية متنوعة المشارب والاتجاهات صنعت 30 يونيو، صحيح أن الأجهزة السيادية لعبت دورا فى توجيه بعض حركات التمرد السياسى على الإخوان، إلا أن جوهر مشهد 30 يونيو كان يقول إن قطاعا غالبا من الشعب المصرى لفظ حكم الإخوان، وإن كل القوى المدنية والديمقراطية سعت لإسقاط حكمهم حتى لو اختلفوا فى الطريقة بين أغلبية ساحقة أيدت تدخل الجيش فى 3 يوليو وقلة عارضته.

وسواء اعتبر أغلبنا أنه لم يكن هناك بديل عن تدخل الجيش لإسقاط حكم الإخوان، أو اعتبرت قلة أنه كان لا يجب أن يتدخل ويستمر الضغط الشعبى حتى يقبل مرسى بانتخابات رئاسية مبكرة، إلا أن النتيجة فى النهاية هى عجز الاثنين عن فرض آليات ديمقراطية لحسم الصراع السياسى بين الإخوان وأغلب الشعب المصرى، وأن المجتمع المصرى عجز عن تغيير حكم الإخوان بالوسيلة الديمقراطية، لأن من كان يحكمه لم يكن حزبا سياسيا إسلاميا مثل تونس أو المغرب يمكن الوصول معه إلى حلول وسط، إنما كان حكم جماعة دينية سرية خططت من أجل التمكين والبقاء الأبدى فى السلطة.

يقينا لولا الملايين التى نزلت فى الشوارع فى مواجهة الإخوان ولولا إجماع القوى المدنية على ضرورة إسقاط حكمهم لما استطاع وزير الدفاع، فى ذلك الوقت، عبدالفتاح السيسى تحريك قواته فى الشوارع والسيطرة على المواقع الحيوية ثم إلقاء بيانه الشهير فى 3 يوليو بحضور رموز من القوى المدنية والدينية.

ولعل التساؤلات المطروحة عقب مرور 4 سنوات على 30 يونيو تتمثل: هل أخذ الرئيس السيسى تحالف 30 يونيو بجدية أم أنه اعتبره منذ البداية وسيلة أو كوبرى لا بديل عنه لنزول الجيش إلى الشوارع والوصول للسلطة؟ وهل المشكلة فى توظيف السيسى لهذه القوى أم المشكلة فى هذه القوى التى كانت منقسمة وضعيفة، أى أنها من الأصل كانت لقمة سائغة فلماذا يحاسب السيسى على ضعفها؟

والحقيقة أن رسالة 30 يونيو الشعبية لم تصل جيدا لقيادة 3 يوليو العسكرية، فالأخيرة اعتبرت أن الديمقراطية ليست مهمة لأنها لم تسعفنا فى تغيير حكم الإخوان الذى أثبت أنه غير قابل للتغيير بالديمقراطية، وبالتالى لا داعى لبناء نظام ديمقراطى، كما أن الشعب حين أعطيت له الفرصة عقب ثورة يناير ليحكم ويختار بنفسه أوصل الإخوان للحكم (ولو بنسبة 51%) وكانت البلاد على شفا حرب أهلية، وهو دليل على أن المجتمع مازال قاصرا، والقوى السياسية المدنية ضعيفة ومنقسمة، وأن النقاش العام والمشاركة المجتمعية والمبادرات الأهلية كلها أمور تعطل الإنجاز الاقتصادى ومشاريع الدولة العملاقة.

ثم أحل الرئيس السيسى الأجهزة الأمنية والسيادية والرقابة الإدارية مكان الأحزاب والقوى السياسية والنخب المدنية، فمن خلالها تفرز أو تختار كوادر الحكم ويهندس البرلمان والإعلام، وغيبت كل القوى والفصائل السياسية التى وقفت فى مشهد 30 يونيو و3 يوليو بالكامل.

ومع ذلك ظل هناك تقديران وراء تفكك تحالف 30 يونيو: الأول يرى أن هذا التحالف وُلد ضعيفا وأنه يعبر عن تيارات سياسية هشة ومنقسمه على ذاتها، ولو كان السيسى ضيع وقته مع هذه القوى لما أنجز أى مشروع اقتصادى أو تنموى ولولا اعتماده على الجيش وأجهزة المخابرات لما عاد الأمن ولو نسبيا إلى ربوع البلاد ولبقينا فى الثرثرة والرطانة السياسية بلا أى إنجاز؟ والتقدير الثانى يعتبر أن ما جرى لم يكن فقط مجرد إقصاء لتحالف 30 يونيو إنما أيضا إقصاء كامل ومتعمد للسياسة والسياسيين لصالح سلطة أمنية واستبدادية تحكم من خلال أداة واحدة وهى الأمن، كما أنها لم تنجح اقتصاديا وسياسيا.

والمؤكد أن القوى السياسية فى مصر، وفى القلب منها تحالف 30 يونيو، ضعيفة وتعانى من مشاكل هيكلية تجعلها غير قادرة على تشكيل نصف حكومة لا قيادة بلد، إلا أن هذا لا يبرر إقصاءها بهذه الطريقة، بل وإقصاء فكرة السياسة من الأساس، وعدم تبنى أى نوع من أنواع الشراكة بين الدولة وأجهزتها من جهة، وبينها وبين القوى والتيارات السياسية المختلفة من جهة أخرى، بل حتى قواعد دولة القانون، التى تعتبر شرطا لنجاح أى نظام سياسى حتى لو لم يكن ديمقراطيا، عجز الحكم عن تطبيقها فى مصر.

إن مصر تحتاج إلى دولة قانون لا دولة فوق القانون، وإلى نظام حكم يؤسس مشروعا سياسيا يعى حجم الأخطار الداخلية والخارجية بالعلم والمعرفة لا بالهتافات والتطبيل والشعارات الرنانة، ولا يمكن لهذا النظام أن يؤسس شرعيته فقط على محاربة «قوى الشر» دون أن ينجح فى بناء بديل ملهم لشعبه يعتبر التنمية السياسية علما مثل التنمية الاقتصادية، ويقوى تحالف 30 يونيو الضعيف لا أن يقوضه.

نهاية تحالف 30 يونيو خطر على مستقبل النظام السياسى، وهى أمور لا تواجه بالثقة الزائدة فى النفس أو الإحساس المتضخم بالقوة، لأنه لا يوجد نظام سياسى فى الدنيا ديمقراطى أو غير ديمقراطى يحكمه الحزب الشيوعى الصينى أو الحزب الجمهورى الأمريكى إلا ويضع قواعد وقوانين تحكمه وتفرض عليه احترامها إلا فى مصر التى يضع فيها الحكم قواعد وقوانين بمحض إرادته ودون مشاركة من أحد، ومع ذلك ينتهكها بكل سهولة بسبب الضعف الداخلى وغياب السياسة وأيضا إقصاء تحالف 30 يونيو.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بقى من تحالف 30 يونيو ماذا بقى من تحالف 30 يونيو



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia