إرهاب فى الأماكن المقدسة

إرهاب فى الأماكن المقدسة

إرهاب فى الأماكن المقدسة

 تونس اليوم -

إرهاب فى الأماكن المقدسة

بقلم: عمرو الشوبكي

هو تحول جديد فى العمليات الإرهابية حين استهدف انتحارى ينتمى لتنظيم داعش قوة أمنية سعودية فى الشهر الكريم ووقت أذان المغرب وعلى مقربة من قبر الرسول الكريم، استُشهد على أثرها 4 رجال أمن، فى مشهد صادم ومؤذٍ للمشاعر الإيمانية لأى مسلم وليس فقط للمشاعر الإنسانية، فمَن كان يغمض عينيه على جرائم داعش، لأنها تستهدف طائفة أو ديانة أخرى متواطئ معه، لأن هذا التنظيم ارتكب بحق العرب والمسلمين السُّنة جرائم فاقت ما ارتكبه بحق المسلمين الشيعة وغير المسلمين، ومَن صمت على تفجير حى الكرادة فى بغداد، والذى أسفر عن سقوط أكثر من 130 شهيدا، غالبيتهم الساحقة من الشيعة، واعتبر أن ما جرى فى القطيف، ذات الأغلبية الشيعية، لن يتكرر فى المدينة المنورة ولا مكة مدان أيضا، لأن إرهاب داعش هو إرهاب القتلة والمجرمين لا وطن ولا دين ولا مذهب له.

والحقيقة أن قيام انتحارى بتفجير نفسه قرب المسجد النبوى عكس التحول الذى أصاب الجماعات الإرهابية وانتقالها من مرحلة الجماعة الجهادية التى قد تكفر حاكما ونظاما وفى نفس الوقت تضع ضوابط على قتل المدنيين من غير أهل الحكم (مثل ما جرى مع الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد فى مصر) ولم تقم بعمليات انتحارية، إلى مرحلة الجماعات التكفيرية التى لم تضع أى ضوابط من أى نوع على القتل والذبح اليومى مثلما نشاهد فى العراق وسوريا ومصر وتونس وفرنسا وتركيا وأمريكا، حتى وصلنا إلى قلب المناطق المقدسة للمسلمين فى المدينة المنورة.

ولعل بداية التحول الذى حدث فى مسار الجماعات الإرهابية جاء عقب اعتداءات 11 سبتمبر والحرب الأمريكية على الإرهاب التى صارت أحد مصادر انتشاره، حين ظهرت أمام العالم نوعية من الإرهابيين الجدد يختلفون عن الإرهابيين القدامى، فهم جزء من شبكات تواصل اجتماعى أكثر منهم جزءا من تنظيمات عقائدية، واستسهلوا الأحكام المبسطة القطعية عن دار كفر ودار ردة ودار إسلام ودار دعوة وغيرها، حتى وصل الأمر إلى القيام بعمليات إرهابية قرب قبر نبى الإسلام الكريم.

وقد انتقلت الجماعات الإرهابية من الصراع مع السلطة الداخلية بغرض إسقاطها، وبناء مشروعها الإسلامى، إلى صراع انتقامى مع العالم والإنسانية، رغم أنها تعرف جيدا أنها غير قادرة على إسقاط أى نظام فى الشرق والغرب، إنما فقط الانتقام من أى نظام ديمقراطى أو استبدادى، ومن أى شعب مسلم وغير مسلم، لأنها تربت على شعارات سطحية وتكفيرية تتردد على مواقع التواصل الاجتماعى، وتهيئ فى أسابيع قليلة بعض الشباب المحبط للقيام بعمليات انتحارية لم تعرفها تنظيمات القرن الماضى الجهادية.

إن البيئتين الجديدتين فى العراق ثم سوريا مثلتا الحاضنة الأولى للإرهاب الجديد فى العالم، فهى بيئة خصبة جذبت محبطين من كل مكان يحركهم القهر والانتقام والأموال، دون أى تكوين عقائدى يُذكر (قشرة عقائدية)، فشاب تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية كان يحتاج إلى سنوات من الإعداد النفسى والعقائدى والدينى ليحمل سلاحا ويغتال شخصا لا أن يقوم بعملية انتحارية، أما الآن فهو مستعد أن يحمل السلاح فى أيام قليلة ويقوم بعملية انتحارية فى أسابيع معدودة، لأن دوافعه لم تعد عقائدية تماما، إنما يحركها الانتقام والثأر والتهميش، وأحيانا المال، حتى لو أضفى عليهم مفردات دينية.

انتحارى المدينة المنورة يجب أن تُدرس دوافعه وظروفه تفصيلا ومن خبراء اجتماعيين ونفسيين وليس فقط أمنيين، فهو جزء من تنظيم يكره الإسلام والمسلمين ويحارب السُّنة مثلما يحارب الشيعة. رحم الله شهداء الإرهاب فى السعودية وفى كل مكان.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب فى الأماكن المقدسة إرهاب فى الأماكن المقدسة



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia