العالم الخارجى

العالم الخارجى

العالم الخارجى

 تونس اليوم -

العالم الخارجى

بقلم : عمرو الشوبكي

مخطئ من يتصور أن العالم الخارجى لا يؤثر على أى دولة مهما كانت قوتها، وأن أى قرار وطنى يراعى البيئة الدولية والمحيط الإقليمى مهما كانت توجهات هذه الدولة.

والمؤكد أن مصر لم تعرف طوال تاريخها المعاصر إلا نظما وطنية حتى لو اختلفنا مع بعض أو كل توجهاتها السياسية، وحددت علاقتها بأمريكا على ضوء المصلحة المصرية، فواجهت السياسات الأمريكية فى عصر مواجهة الاستعمار والتحرر الوطنى، وتحالفت معها فى عصر السلام مع إسرائيل فى عهدى السادات ومبارك، حتى لو اختلف الأخير معها فى بعض المواقف فى نهايات عهده.

واعتبرت أمريكا أن السلام بين مصر وإسرائيل هو ضمان للاستقرار فى المنطقة، ولذا ربطت تحالفها الاستراتيجى معها بمعونة اقتصادية قدمتها لها منذ عام 1978 وتحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية، وهى تمثل 57% من إجمالى ما تحصل عليه مصر من معونات دولية، رغم أنها لا تتجاوز 2% من إجمالى الدخل القومى المصرى.

دعم أمريكا لمصر كان دعما اقتصاديا استراتيجيا يتعلق بأمن الخليج وضمان تدفق البترول للأسواق الغربية واستمرار اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، وهى أسباب مازالت موجودة، إلا أن العلاقات المصرية- الأمريكية لم تحل دون وقوع كوارث فى المنطقة، بعضها نتيجة الغزو الأمريكى للعراق، وبعضها الآخر نتيجة الفشل الداخلى العربى مثلما جرى فى ليبيا وسوريا واليمن.

يقينا علاقة مصر بأمريكا هى دعم أحيانا مشروط لحليف واقع على بعد آلاف الأميال لن يدخل بثقافته وتاريخه ونمط حكمه ضمن دائرة الحلفاء المقربين كإسرائيل مثلا، ولا هو جزء من تكتل حضارى وسياسى واقتصادى مثلما جرى فى علاقة الاتحاد الأوروبى بدول أوروبا الشرقية بأن جعل دعمه لها جزءا من مشروع إدماجه داخله.

إن التحولات التى جرت فى أوروبا الشرقية ساعد على نجاحها دعم الاتحاد الأوروبى وأمريكا، بحيث من الصعب اعتباره بالكامل صناعة محلية، بل كان معتمدا فى أغلبه على القوى الغربية الكبرى التى أعادت الجسر بين شرق أوروبا وغربها، ووصلت ما جمعته الثقافة والحضارة الغربية المشتركة بعد أن قطعته ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية التى فرضت النظم الشيوعية قسرا على دول أوروبا الشرقية.

وعلى خلاف تجارب أوروبا الشرقية فإن تجربة مصر قبل وأثناء وبعد ثورة يناير ظل فيها «المكون المحلى» هو الدافع الرئيسى وربما الوحيد وراء اندلاع الثورة وحتى قيام الحكم الحالى بعيدا عن اتهام ملايين المصريين الذين شاركوا فى ثورة يناير بالتآمر والعمالة، لأن هناك بضع عشرات دارت حولهم شبهات، أو سحب نفس الاتهامات على النظام الحالى من قبل بعض الفصائل المناوئة نتيجة خلاف ولو جذرى مع توجهاته.

نعم تتأثر مصر بالعالم الخارجى، ولكن لن يحرص أحد من هذا العالم على صناعة مستقبلها مثلما فعلوا مع أوروبا الشرقية، وأن أوهام بعضنا أن العالم يتحدث فى الصباح والمساء عن مصر لا مكان لها فى الواقع، فهو لا يريد أن نصدر له إرهابا ولاجئين، أما بناء دولة قانون وصناعة تقدم وتنمية فسيظل أساسا قضية الشعب المصرى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم الخارجى العالم الخارجى



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia