الرئيس والخطاب الحقوقى

الرئيس والخطاب الحقوقى

الرئيس والخطاب الحقوقى

 تونس اليوم -

الرئيس والخطاب الحقوقى

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

أثار حديث السيسى فى باريس عن قضايا حقوق الإنسان اعتراضات كثيرة فى الأوساط الحقوقية، حين أكد على أن حقوق الإنسان لا تتعلق فقط بالحقوق السياسية إنما أيضا بحقوق السكن والتعليم، وأشار إلى حقوق 3 ملايين مواطن من العاملين فى مجال السياحة تضرروا من الإرهاب، وأضاف: لماذا لا تتحدثون عن حقوق ضحايا الإرهاب من رجال الشرطة والجيش؟.

خلاصة رؤية الرئيس فى هذا المجال أن الحقوق السياسية فى بلد مثل مصر أقل أهمية من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما أعطى ضوءا أخضر للأجهزة الأمنية لممارسة انتهاكات كثيرة تحت غطاء أن الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية رغم تعثرهما.

ومع ذلك فإن خطاب السيسى فى فرنسا نجح فى أن يحد من تأثير الخطاب الحقوقى لدى الرأى العام الغربى، وجاء على «هوى» قطاع واسع من الرأى العام الأوروبى والفرنسى، فتركيزه على الإرهاب وضحاياه، وعلى منطقتنا المضطربة يختزل انتهاكات حقوق الإنسان فى الإرهابيين وأنصارهم من الإخوان والجماعات المتطرفة، وهى تعنى بالنسبة للجمهور الأوروبى استدعاء لمعادلة يعيشها كثير من المجتمعات الغربية، ولم يربحها الخطاب الحقوقى، وتقوم على وجود عناصر إرهابية متطرفة تواجه بالأمن والسلاح، وبيئة حاضنة تضم المئات وربما الآلاف تغذى الإرهاب وتعرضت لتجاوزات أمنية قوبلت باعتراضات حقوقية، ولكنها لم تؤثر فى الرأى العام، الذى قبل فى أغلبه أى قيود على المسلمين المتشددين فكريا حتى لو لم يمارسوا العنف أو يحرضوا عليه، وحتى لو جاءت هذه القيود على حساب مبادئ حقوق الإنسان.

لقد نجح السيسى فى أن يقدم الواقع المصرى على أنه عبارة عن إرهابيين إسلاميين اضطروا الدولة لفرض قيود أو ممارسة تجاوزات مع من يتعاطفون معهم، وهى بمعنى ما إحدى معادلات الواقع الفرنسى الكارة للإسلاميين إجمالا، سواء كانوا ممارسين للعنف أو ممارسين لشعائرهم الدينية.

لقد ساعدت تحيزات كثير من الحقوقيين فى إنجاح رسالة السيسى للرأى العالم الغربى، فقد دافعوا بشراسة عن أسماء بعينها لديها حضور على الساحة العالمية وتجاهل أسماء أخرى مثلما يفعل الإخوان حين دافعوا عن أعضاء الجماعة ونسوا باقى الشعب.

ولأن معضلة مصر وأزمتها لا يمكن اختزالها فقط فى إرهابيين وجماعات متطرفة (أشار الرئيس بشكل واضح للإخوان دون أن يسميهم) تؤيدهم وتروج لهم، إنما فى حجم المظالم والتجاوزات بحق أبرياء أو بحق شباب التيارات المدنية المعارضة، أو فى إغلاق المجال السياسى، فمثلا حين يكون أمين تنظيم الحزب الاجتماعى الديمقراطى فى مصر معتقل منذ 3 أشهر، فهل هذا له علاقة بأى معركة ضد الإرهاب؟ بالتأكيد لا وبالتأكيد أيضا هو ليس من ضمن أولويات الجماعات الحقوقية الحديث عنه مثل مئات غيره لأنه خارج «الجيتو الحقوقى» وهو أمر ترجمته فى فرنسا تعنى اعتقال الرئيس الفرنسى ماكرون أحد قادة الحزب الاشتراكى تحت حجة الحرب على الإرهاب وظروف البلد المضطربة، وهو أمر مستحيل حدوثه أو قبوله، مهما كانت قسوة هذه الحرب.

لقد نجح السيسى فى تحييد أى تأثير يذكر للخطاب الحقوقى، واستثمر الواقع الغربى وخوفه من التطرف والمتطرفين، لصالح رسالة اختزلت مشاكلنا فى جماعات إرهابية تمارس العنف وأخرى تدعمها فتقبلتها معظم النخب السياسية الغربية والفرنسية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس والخطاب الحقوقى الرئيس والخطاب الحقوقى



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia