حجة المؤامرة

حجة المؤامرة

حجة المؤامرة

 تونس اليوم -

حجة المؤامرة

بقلم : عمرو الشوبكي

إذا انتقلت المؤامرة من السرية إلى العلن فتصبح صراعا، وطالما كل ما نتحدث عنه فى مصر من مؤامرات هى أمور معلنة، فنحن إذن لسنا أمام مؤامرة، إنما خطط معلنة لتحقيق مصالح دول بعينها، أى أنها نمط من الصراع الدولى مطلوب منك الاستعداد له ومواجهته، إما بخطط دفاعية أو هجومية تبعا لقوتك، ولكن الحديث عن المؤامرة باعتبارها خططا خفية لا نعرف عنها شيئا هو حجة دائمة لإخفاء الإخفاقات وسوء الأداء، وهو أمر لن يدفعنا خطوة واحدة للأمام.

والحقيقة أن العالم العربى من المناطق القليلة فى العالم التى مازالت توظف نظرية المؤامرة من أجل تكريس واقعها المتردى، وعدم مواجهة مشاكلها الحقيقية، فتكون المؤامرة هى سبب المصائب لا طريق حلها.

والحقيقة أن العالم يتآمر فى أحيان كثيرة من أجل الدفاع عن مصالحه، وإذا اعتبرنا المؤامرة فى العصر الحديث هى خطط سرية للدول من أجل تحقيق مصالحها، فعلينا ألا ننسى أن هذه الدول تحقق فى أحيان كثيرة مصالحها بسياسات معلنة وواضحة، يبثها جانب من إعلامنا كل يوم لإخافة الناس وعدم مناقشة مشاكلنا الحقيقية.

التسليم بنظرية المؤامرة على أنها قوة خارقة لا نعرف عنها شيئا ولا نستطيع أن نواجهها أمر يكرس ثقافة الاستسلام أمام مواجهة تحديات الخارج والداخل معا، فلو اهتممنا بمشكلاتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية، وعرفنا أين هى العيوب والمثالب، وأين نقاط التباين التى لا تحتاج إلى مؤامرة لأنها تمثل تعارضا طبيعيا فى الرؤى والمصالح، سواء بين الاتجاهات السياسية المختلفة داخل الوطن أو بين الدول المختلفة معنا خارجه (بعضها يبث سمومه علنا عبر قناة الجزيرة وغيرها).

فالقوى السياسية المدنية المعارضة التى ترفض العنف ممارسة أو تحريضا يجب التوقف على وصفها بالمتآمرة، فلو وضعنا إطارا قانونيا ينظم حركتها ويسمح لها بالتواجد والتعبير عن نفسها داخل الوطن والتمثيل فى البرلمان والمجالس المحلية (المؤجلة) لتغير جانب من خطابها وأصبح أكثر إصلاحية، والشباب المعارضون السلميون الذين لايزالون رهن الحبس ليسوا أيضا متآمرين، إنما وصفهم بالتآمر وبالخطر على البلاد يعنى أننا لا نمتلك خطابا سياسيا متماسكا قادرا على دحض خطابهم المعارض (المعلن) بمفرداته الثورية المعروفة، ومع ذلك هناك إصرار على مواجهتهم بالأمن فقط وفق نظرية المؤامرة.

والحقيقة أن أخطر ما تشهده مصر الآن هو تلك العودة البليدة لنظرية المؤامرة فى التعامل مع قضايا الخلاف الداخلى بدلا من مناقشتها والاشتباك معها، حتى وصل الأمر بالبعض إلى اعتبار نقد المشروعات الكبيرة كالعاصمة الإدارية أو إصلاح المليون فدان (ولو كأولوية اقتصادية) مؤامرة، أو رفض التخبط فى بعض توجهات السياسة الخارجية المصرية مؤامرة، أو المطالبة بتفعيل دولة القانون والتوقف عن إطلاق البلطجية والحملات الإعلامية ضد كل مخالف أو مستقل فى الرأى، حتى وصل الأمر إلى إهدار كامل لأحكام القضاء، على أنه أيضا مؤامرة على البلد، وأن أى حديث عن انتهاكات أو أخطاء أو خطايا يرتكبها بعض رجال الشرطة هو أيضا مؤامرة تستهدف البلد وتعرقل حربه ضد الإرهاب، فى حين أن العكس هو الصحيح، فبدون اعتراف بالأخطاء والثغرات الأمنية وغير الأمنية لن ينجح البلد فى حربه على الإرهاب وسيستمر سقوط الشهداء فى داخل سيناء وخارجها، لأننا نصر على عدم مناقشة سوء الأداء تحت حجة المؤامرة على مصر.

المصدر : جريدة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حجة المؤامرة حجة المؤامرة



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia