التخلف الذى يقتل الإنسانية

التخلف الذى يقتل الإنسانية

التخلف الذى يقتل الإنسانية

 تونس اليوم -

التخلف الذى يقتل الإنسانية

بقلم : عمرو الشوبكي

حوادث القتل والإرهاب التى يشهدها كثير من دول العالم جعلت البعض يتعامل معها بمنطق انتقائى بسبب تحيزاته السياسية والطائفية، وفى أحيان أخرى بسبب التخلف وقلة الوعى الذى يدفع البعض لأن يردد كلاما قاتلا للفطرة الإنسانية السوية.

يقيناً، هناك إرهاب الدواعش وحلفائهم، وهو أسوأ أنواع الإرهاب وأحطها، فهم القتلة والمجرمون، وهم فى النهاية جعلوا كثيرين يقبلون بنظم استبدادية سيئة، إذا كان البديل هو نظام من «ريحة داعش»، مثلما هو الحال مع النظام السورى وغيره.

أذكر أنى كتبت مقالاً فى 3 أبريل 2015 تحت عنوان «إنسانيتنا المحترقة»، تعليقاً على عملية حرق الطيار الأردنى الشاب معاذ الكساسبة جاء فيه: «الطيار الأردنى شاب مثل آلاف الضباط الشرفاء على امتداد العالم العربى الذى لم يقتل أطفالا ولا مدنيين كما يدعى القتلة المجرمون إنما قتل إرهابيين شردوا وذبحوا الأطفال والنساء والرجال، واستباحوا الأعراض، ولولا مثل هذا الطيار الشهيد لكان التنظيم المجرم قد اقتحم مدينة عين العرب كوبانى وشهدنا مذبحة إنسانية لم نر مثلها فى تاريخنا الحديث.

الفارق بين الدولة فى كل مكان (مهما كانت أخطاؤها) والعصابة واضح، فهناك سجينة إرهابية ارتدت حزاما ناسفا لتنفذ عملية إرهابية فى أحد فنادق الأردن (ساجدة الريشاوى)، وأراد الله أن ينقذ الأبرياء من شرها، فلم ينفجر، واعتقلت ثم سجنت، وبعد حرق الطيار البطل نفذ فيها حكم الإعدام ولم تحرق أو تذبح مثلما فعل الإرهابيون المجرمون».

والحقيقة أن انحيازنا للدولة الوطنية ثابت ولا يحتاج لدليل، ولكن حين تتصرف كدولة حتى لو فرضت الطوارئ مثلما فعلت دول ديمقراطية كثيرة، أما حين تتصرف كعصابة حاكمة مثلما يفعل نظام بشار الأسد ويصدقه البعض ويدافع عنه البعض الآخر بجهل أو تخلف أو انعدام وعى، فتلك مصيبة كبرى.

البعض لم يستطع أن يسير بالخط على استقامته، ويتعاطف مع كل الضحايا المدنيين مهما كان قاتلهم، فتجاهل البعض بتحيز فج أن نظام بشار قاتل ومصدر للإرهاب، رغم أن مطالب غالبية الدول الآن (بمن فيها أمريكا ومعظم دول الخليج ماعدا قطر طبعا) هى عدم سقوطه لصالح الدواعش، إنما رحيله والحفاظ على ما تبقى من الدولة والجيش السورى مثلما رحل مبارك وزين العابدين، ومثلما يرحل أى رئيس فشل فى حل مشاكل شعبه، فلماذا نستثنى مجرم حرب مثل بشار المسؤول الأول عما حدث لسوريا وليس فقط مجرد رئيس فاشل؟

التخلف والجهل يجعلنا نسقط فى نظرية مؤامرة خائبة تبرر فى النهاية جريمة قتل الناس بالكيميائى أو بالبراميل المتفجرة أو القنابل الحارقة بل يعتبرها البعض عملا من أعمال السيادة، ومن بطولات النظام السورى.

للأسف، فى سوريا ميليشيات طائفية لبنانية وعراقية وإيرانية، هى التى تقاتل أساسا على الأرض، وهى التى استعادت حلب وغيرها، وأن المقايضة الجاهلة التى تعتبر أن ضحايا مجرمى داعش هم فقط من يستحقون التعاطف والحزن، أما ضحايا النظام فسنغمض أعيننا عنهم ولهم رب يرعاهم، فى خلل وحول نفسى وإنسانى يصل لحد المرض.

النظام السورى لم يطلق طلقة واحدة على إسرائيل منذ 1973، فهو ليس عبدالناصر حتى نتوهم أنه يحارب استعمارا أو إسرائيل، وأن أمريكا التى تآمرت على صدام حسين بقصة الكيميائى فيها رئيس جديد لا يرى حتى الآن (رغم الضربة الأمريكية) إسقاط بشار أولوية، وأنه لو كان رحل منذ 4 سنوات لصالح بديل من داخل دولته لكانت سوريا الآن بلا 300 ألف قتيل وملايين المهجرين، أو كما قال جمال أبوالحسن أمس الأول فى «المصرى اليوم» بأن مهادنة النظام الأسدى خطيئة كبرى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التخلف الذى يقتل الإنسانية التخلف الذى يقتل الإنسانية



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia