هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب

هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب؟

هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب؟

 تونس اليوم -

هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب

بقلم : عمرو الشوبكي

جاء توقيت العملية الإرهابية التى شهدتها مدينة مانشستر الصناعية الكبرى فى بريطانيا ليشكك فى فاعلية كثير من الأفكار التى طرحها ترامب فى مؤتمر الرياض لتبدو شعاراته وخطبه فى واد وواقع الإرهاب الجديد وتحدياته وطرق مواجهته فى واد آخر.

ثم جاءت تصريحات أمير قطر لتشير إلى تصدع البيت الخليجى وصعوبة القول إن ما أعلن فى الرياض من «سياسات حرب» على الإرهاب محل إجماع عربى أو خليجى، وأكدت أيضا على استمرار سياسة قطر كوكيل دولى أو حالة إقليمية تتبنى سياسيات متناقضة فهى صديقة إسرائيل وحماس، وإيران والسعودية، والإخوان وتركيا وأمريكا، وتتصور أنها أشطر من الجميع ولكنها باليقين ستدفع ثمنا باهظا لهذه النوعية من السياسات.

ولعل السؤال الأول المطروح على الساحة العربية عامة والسعودية خاصة هل صفقات السلاح الأكبر فى تاريخ الدول العربية (110 مليار دولار) لها علاقة بالحرب على الإرهاب؟ الإجابة الأكيدة لا؟ ولكن هل لها علاقة بردع إيران والدفاع عن المملكة فى وجه تهديداتها لدول الخليج وارد وهذا أمر تقدره السعودية وفق أولوياتها الوطنية، إلا أن المؤكد أن إيران تواجه الخليج بأذرع سياسية وتنظيمات عسكرية طائفية لا تمتلك كل هذا العتاد الحربى الذى تمتلكه دول الخليج، ولكنها نجحت فى النهاية أن تكون قوة تهديد حقيقية بفضل دهاء الإدارة السياسية وليس كثرة السلاح.

ومع ذلك فإن خطة ترامب التى ركزت على المواجهة العسكرية ضد الإرهاب لم تتعلم شيئا من فشل سلفه الجمهورى جورج بوش فى حربه على الإرهاب بل وتحولها إلى أحد المصادر الرئيسية وراء انتشار الإرهاب.

الفارق بين الفشل الأول (السابق) والثانى (القادم) يكمن فى أن مشروع بوش الابن كان مشروعا أيديولوجيا حكمته رؤية متكاملة مثلت غطاء سياسيا لغزو العراق فى 2003، فقد خرجت أطروحة الفوضى الخلاقة التى دعت إلى نشر الفوضى فى العالم العربى حتى يمكن بناء الجديد الديمقراطى، واعتبرت أن إحدى العقبات لتحقيق ذلك هو وجود الدول الوطنية العربية، فهدمت الدولة العراقية وفككت الجيش، واعتبرت أنها فى طريقها لبناء الديمقراطية فى العراق فكانت أكثر جرائم القرن العشرين بشاعة وقسوة وأيضا فشلا فى تحقيق أى من الشعارات الديمقراطية التى رفعتها.

والحقيقة أن ترامب جاء وهو لا يحمل أى مشروع سياسى أو أيديولوجى إلا التجارة وبيع السلاح الأمريكى، كما أنه يعلم جيدا أن أمريكا والغرب لم يعودا معنيين بنشر الديمقراطية أو حتى التبشير بها فى العالم العربى بل إن قناعة ترامب ومعظم تياره اليمينى المتطرف أن العرب والمسلمين شعوب متخلفة وغير مهيأة لتبنى الديمقراطية والمهم هو ضمان عدم عبور الإرهابيين واللاجئين حدود العالم العربى إلى «العالم المتحضر».

والحقيقة أن ترامب لن يحارب الإرهاب إنما سيتاجر بقضية الإرهاب لضمان بيع السلاح الأمريكى للمنطقة كما أنه أكد أكثر من مرة على أن محاربة الإرهاب قضيتنا وأمريكا ستساعدنا ولن تحرك جنديا واحدا للمنطقة إلا لو كان الحساب مدفوعا مقدما.

أما السؤال الثانى فهو كيف سيواجه خطاب ترامب الإرهاب الفردى الجديد عقب تحرير المدن الكبرى من قبضة تنظيم داعش الإرهابى وتوقع انتشاره بشكل خفى على طريقة الذئاب المنفردة التى تنفذ عملياتها الإرهابية فى أوروبا وأمريكا؟ وهل صفقات السلاح الضخمة هى التى ستواجه إرهابيين من عينة سلمان العبيدى ذو الـ 22 ربيعا البريطانى الجنسية والليبى الأصل والذى قتل مؤخرا 20 شابا بريئا فى عمر الزهور فى إحدى أكبر المدن الصناعية فى أوروبا وهى مدينة مانشستر؟.

هذا الإرهاب الفردى والعشوائى لن يواجه بصفقات السلاح الضخمة إنما باتخاذ إجراءات جديدة تحل المشاكل السياسية فى المنطقة وتحاصر البيئات الحاضنة للإرهاب فى سوريا والعراق.

فالإرهاب الجديد ستكسره الجيوش العربية والتحالفات الدولية مثلما يجرى الآن ولكنها لن تستطيع هزيمته بل سيتحول إلى صورة فردية جديدة مثلما جرى فى مناطق كثيرة من العالم، فالإرهاب فى مصر (خارج سيناء) هو فى جانب رئيسى منه إرهاب مظلومية سياسية وثأر من الدولة وتحريض عليها، والإرهاب الذى شهدته أوروبا مؤخرا هو لعناصر فى غالبيتها الساحقة ليس لها تكوين عقائدى عميق ولا تهتم بتأصيل العنف فقهيا حتى نحرص نحن على مواجهته فقهيا ونطالب الأزهر بتجديد الخطاب الدينى ومواجهة الفكر التكفيرى، ونتصور أن مركز اعتدال السعودى سيواجه الفكر المتطرف بالاعتدال، فى حين أن دوافع غالبية عناصر الإرهاب الجديد هى إما الثأر من مظالم سياسية أو انتقام ممن اعتبرتهم مسؤولين عن تهميشهم الاجتماعى أو رفض لسياسات سلطة حكم اعتبروها تضطهدهم طائفيا ومذهبيا.

الإرهاب الجديد يشكله أولا الواقع الاجتماعى والسياسى والمذهبى ثم يأتى ثانيا دور المبرر العقائدى والفقهى للقتل والإرهاب الذى لا يشكل أساس تكوينه أو دوافعه الأولى نحو العنف، أى أن الواقع الذى يعيشه مع هشاشة نفسية يحولانه إلى مشروع إرهابى يضفى مفردات وقشورا دينية على جرائمه متصورا أنها ستدخله الجنة.

هذه الأنماط الجديدة من العنف والإرهاب التى تجتاح الشرق الأوسط والعالم لن يوقفها خطاب ترامب، بل ربما سيكون سببا فى انتشارها وعلينا نحن قبل فوات الأوان أن نضع استراتيجية جديدة لمواجهة الإرهاب الجديد قد نتحالف فيها مع بعض الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا، دون أن نسلم لها مصائرنا مرة أخرى فمسؤوليتنا أساسية فى هزيمة الإرهاب ولن ننتصر عليه إلا بسياسات جديدة تعى طبيعة التحولات التى أصابت ظاهرة العنف والإرهاب.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia