لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى

لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى؟

لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى؟

 تونس اليوم -

لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى

بقلم : عمرو الشوبكي

اتهمت الدولة كثيرا من المنظمات الحقوقية بأنها مسؤولة عن بث دعاية كاذبة تسىء لسمعة مصر فى الخارج، وأنها تعمل وفق أجندة خارجية تضر بالأمن القومى.

صحيح أن هناك بعض الجمعيات الحقوقية لا علاقة لها بالواقع المصرى وبعضها يتعامل مع واقع مجتمعه باستعلاء فج، وهناك من يشعرك أنه متطوع ويضحى من أجل الإنسانية فى حين أنه فى الحقيقة يقوم بعمل فى مقابل أجر مادى، وبعضه الآخر قد يثبت القضاء والأجهزة الرقابية (وليس الأمنية) تورطه فى جرائم فساد مالى، بالمقابل هناك من المحترمين الكثيرين الذين اعتبروا أنفسهم منذ البداية مواطنين طبيعيين ليسوا محصنين ولا على رأسهم ريشة يؤدون عملا مهنيا ويتلقون فى مقابله أجرا وأبدوا أكثر من مرة استعدادهم للالتزام بالخطوط الحمراء التى تضعها الدولة فى أى قضايا تخص أمنها القومى.

والحقيقة أن قانون الجمعيات الأخير استهدف بالأساس العمل الأهلى المحلى والممول فى غالبيته الساحقة محليا، ولم يلغ التمويل الأجنبى، وهنا يطرح السؤال: لماذا لم تلغ الدولة التمويل الأجنبى وترح الجميع طالما يهدد الأمن القومى؟.

الحقيقة أن الدولة لديها التزامات دولية تفرض عليها أن تسمح بوجود ما للمجتمع المدنى ولا تستطيع أن تعلن صراحة أنها ستلغيه، فالقضية ليست حبا فى نشاط المجتمع المدنى إنما هى التزامات (وأحيانا ضغوط) دولية.

والحقيقة أن هذه القضية الشائكة تتطلب النظر إليها من زاويتين مختلفتين: الأولى تتعلق بالتمويل الأجنبى الذى يأتى من خلال الأمم المتحدة (Undp) و(Who) فى مجال الصحة والتنمية الاقتصادية وهى تحتاج إلى قواعد تنظمها لا قيود «تطفشها».

وقد ظلت هذه المؤسسات تعمل بشكل شبه طبيعى فى مصر طوال السنوات الماضية، وبقى السؤال: هل سيؤثر القانون الأخير على عملها فيصيب العمل التنموى بضربة أخرى قاصمة، بعد أن وجه ضربة قاضية للعمل الأهلى المحلى؟.

أما الزاوية الثانية فهى تتعلق ببعض المؤسسات الدولية التى ظهرت فى مصر فجأة عقب ثورة يناير وحملت أجندات سياسية واضحة لم تكن أبدا فوق الشبهات، ونتيجة سوء أدائنا لم نستطع أن نغلقها بهدوء ونصدر قانوناً يمنع وجودها، إنما اضطرت الحكومة إلى تهريب العاملين فيها خارج مصر، وأصبح عدم الترخيص لهذه المؤسسات بالعمل داخل مصر أمراً لا غبار عليه.

أما القضية الأخطر التى لم يناقشها قانون الجمعيات السيئ وتركتها الدولة لأنها تدخل فى حسابات الأهواء فهى تجريم التمويل السياسى الأجنبى، والمقصود هنا وضع ضوابط قانونية صارمة (وهو ما لم يحدث لأن القانون اهتم بحصار العمل الأهلى لا مواجهة التمويل السياسى الأجنبى) على أى أموال تأتى لجمعية أهلية من الخارج ثم تدخل بعد ذلك إلى المجال السياسى لحزب أو مرشح أو تنظيم، وهذا أخطر ما تواجهه مصر حين يخترق المجال الوطنى السياسى بتمويل أجنبى.

ولأن هذا التمويل قد يصل من دولة عربية شقيقة أو دولة أجنبية صديقة إلى من هم مرضىّ عنهم، فترك دون أى ضوابط تحول دون وصول التمويل الأجنبى للمجال السياسى، أى ترك الأمر حسب الأهواء والمزاج حتى لو كانت الدولة تهتف كل يوم ضد التمويل الأجنبى.

قضية التمويل الأجنبى قضية شائكة ومركبة، وأخطر ما فيها هو التمويل السياسى الذى يأتى من الخارج فى حين أن البلد الذى يعتمد اقتصاده على المنح والقروض الأجنبية عليه أن ينظم عمل الجمعيات الأهلية ويراقبه بدقه حين تعمل فى قضايا الصحة والتعليم والتنمية ومحاربة التمييز، وفى نفس الوقت يجرم أى تمويل سياسى قادم من الخارج بصرف النظر عن الهوى والمزاج.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia