الطريق للضربة الأمريكية

الطريق للضربة الأمريكية

الطريق للضربة الأمريكية

 تونس اليوم -

الطريق للضربة الأمريكية

بقلم : عمرو الشوبكي

هناك من أيد الضربة الأمريكية وفرح وهلل لها رغم أنه يهاجم أمريكا صباحاً ومساءً ويعتبرها الشيطان الأكبر، وهناك من عارض الضربة الأمريكية واعتبرها اعتداءً على سيادة دولة عربية من قبل دولة «إمبريالية» رغم أنه سبق أن أغمض عينيه عن انتهاكات يومية للسيادة السورية من قبل إيران وميليشيات حزب الله والميليشيات العراقية.

صحيح أن الموقف المبدئى لأى عربى يجب أن يكون عدم القبول ولا الترحيب بأى ضربة عسكرية أجنبية أو اعتداء خارجى على أى دولة عربية ذات سيادة، وعدم قبول تغيير النظم القائمة بالقوة المسلحة، ولنا فى تجربة العراق أسوة غير حسنة، حين قامت إدارة جورج بوش الابن بإسقاط نظام صدام بالقوة المسلحة وهدم الدولة وتفكيك الجيش، فكانت الكوارث المتلاحقة.

والمؤكد أن حالة سوريا ليس مطلوبا فيها ولا مقبولا إسقاط بشار الأسد بقوة السلاح الأمريكى، ولا بسلاح الجماعات الإرهابية، ولا بأى سلاح، فهذا خط أحمر على أى صاحب ضمير أن يدافع عنه، ليس حبا فى بشار ولا نظامه بالتأكيد، ولا فقط دفاعا عن موقف مبدئى برفض تغيير أى نظام بالقوة الخارجية المسلحة، إنما أيضا لكون النتائج والتداعيات لهذه الإسقاط بالقوة ستكون أسوأ من بقائه.

والمؤكد أن الضربة الأمريكية الأخيرة فى سوريا هى رد فعل من نفس نوعية نظام بشار الأسد، فهى لا تستهدف إسقاط النظام ولا تغييره، إنما قد توقف جرائمه عند حد معين وتحول دون استخدامه للسلاح الكيميائى مرة أخرى.

الضربة الأمريكية ليست علامة انتصار ولا مسار فرح، فهى نتاج فشل وعجز عربى سمح من الأصل ببقاء نظام مثل بشار الأسد يقتل ويشرد أبناء شعبة دون أى رادع، وفى نفس الوقت قام بعض أطراف هذا النظام العربى بدعم التنظيمات الإرهابية والمشاركة بنفس الهمة فى قتل الشعب السورى وتدمير انتفاضته السلمية وعسكرتها.

الطريق إلى الضربة الأمريكية هو الفشل والغياب العربى الذى جعل التفاوض باسم الأطراف السورية تعبر عنه روسيا وتركيا وإيران فى ظل غياب عربى كامل، سواء كان مؤيدا للنظام أو معارضا له، وهو دليل على حجم الفشل الذى أصاب ما كان يسمى النظام الإقليمى العربى.

إن تصوير البعض الغارة الأمريكية على مطار الشعيرات كأنها مثل العدوان الثلاثى على مصر فى 56، أو مثل حروب العرب ضد الاستعمار، هو كلام فارغ لا علاقة له بالواقع.

فسوريا لم تعد حتى مجرد نظام استبدادى يدافع عن حدوده ضد غازى، فنضطر للوقوف معه مثلما جرى مع الغزو الأمريكى للعراق فى عهد صدام، إنما هو نظام فاقد للشرعية والسيادة أيضا، لأن بكل أسف القوة العسكرية الأولى على الأرض فى سوريا ليست الجيش العربى السورى ولا حتى الروسى، إنما هى ميليشيا حزب الله والميليشيات العراقية والإيرانية التى استباحت الأرض السورية ونكلت بالشعب السورى، مثلها مثل الجماعات التكفيرية، وهى التى حسمت المعارك الأخيرة فى حلب وفى غيرها لصالح النظام أو بالوكالة عنه.

الطريق للضربة الأمريكية هو فشل العرب وإن الإدانة المطلوبة هى للنظام العربى والسورى، أما الحل فسيظل فى يد الأطراف الدولية والإقليمية، وهو حل سياسى وليس عسكريا برحيل بشار وتجهيز بديل آخر من داخل ما تبقى من الدولة السورية أو ليس بعيدا عنها يكون قادرا على قيادة ما تبقى من أجهزتها وجيشها وإصلاحها حتى يستطيع أن يدحر الإرهاب والإرهابيين.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطريق للضربة الأمريكية الطريق للضربة الأمريكية



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia