أردوغان وأوروبا

أردوغان وأوروبا

أردوغان وأوروبا

 تونس اليوم -

أردوغان وأوروبا

بقلم : عمرو الشوبكي

خلاف تركيا مع أوروبا لا يمكن إرجاعه إلى الصراع التاريخى القديم بين الإمبراطورية العثمانية وجيرانها الأوروبيين بالتركيز على بعده الدينى والثقافى، كما يحاول أن يروج أردوغان وإخوانه، فالمؤكد أن الخلاف التركى- الأوروبى الحالى يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها توقف تجربة التحول الديمقراطى عقب التحولات التى شهدها النظام السياسى التركى فى اتجاه النظام الرئاسى ليس باعتباره النظام الأفضل (كما نرى) إنما لكونه سيكرس سلطة أردوغان المطلقة وسيعطيه الحق فى البقاء 22 عاما فى السلطة، ليضاف بذلك رقم جديد فى قائمة حكام الاستبداد فى الشرق الأوسط الذين ثارت شعوبهم عليهم، ومع ذلك مازال أردوغان يعطى دروسا لدول المنطقة فى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهو الذى مارس أكبر عملية تنكيل بالمعارضة فى تركيا منذ الحكم العسكرى.

صدام تركيا مع هولندا وألمانيا هو صدام فيه من الصلف والعجرفة الأردوغانية الكثير، فاتهام هذه الدول بالنازية والفاشية هو اتهام مضحك لأنها بالفعل أحدثت قطيعة مع الفاشية والنازية حتى لو صعدت فيها العنصرية فى مواجهة الأجانب وليس شعوبها، وتحولت بالفعل لنظم ديمقراطية تعانى من مشاكل بالطبع ولكنها لا يمكن أن تقارن بنظام أردوغان.

والمدهش والصادم هو الطريقة التى يتعامل بها أنصار أردوغان مع التعديلات الدستورية التى يروج لها فى تركيا وأوروبا، فهم يحولون تسلطه إلى إيجابيات، ويخلطون مع سبق الإصرار والترصد بين إنجازاته الكبيرة التى حققها فى السنوات العشر الأولى من حكمه وبين هلاوسه وقمعه لكل مخالف له فى الرأى بعد أن بقى 15 عاما فى السلطة، وينوى البقاء 22 عاما وفق دستوره الجديد، ويمكنه حاليا أن يعصف بأى دستور وأى قانون حتى يبقى بصورة أبدية فى السلطة.

لا أحد من إخوان أردوغان فى تركيا أو أوروبا يشير إلى خطأ واحد ارتكبه، ويعتبرون الرجل اتخذ إجراءات قمعية ضد انقلابيين خانوا الوطن والشعب، وينسون أو يتناسون إجراءاته القمعية بحق كل ألوان الطيف المعارض حتى وصل الأمر إلى اعتقال 42 صحفيا فى يوم واحد، وفصل حوالى 15 ألف موظف فى التعليم، و2700 قاضٍ.

هل يجرؤ مواطن واحد من أنصار أردوغان وإخوانه أن يعترض ولو على جانب من سياساته؟ للأسف لا، فالجميع يتحدثون كصوت واحد ولون واحد ولغة واحدة، ويبررون كل إجراءاته القمعية ويدافعون عنها ولا ينتقدونها ولو «بهمسة عتاب»، أو ببيان شارد.

نظام أردوغان يعتبر أن قمعه لخصومه مبرر، ولكن منع أى نظام آخر أنصاره من التظاهر لدعمه هو فاشية ونازية، فالمؤتمرات التى مُنعت فى أوروبا هى لمهاجرين أتراك ضيوف على بلاد أخرى ومن حق هذه البلاد، مثلما يكرر أردوغان كل يوم، وفق مفهوم السيادة الوطنية اتخاذ ما هو مناسب لها من إجراءات لحماية أمنها وشعبها، فأردوغان لا يسمح لمواطنيه الأتراك بالتظاهر ضده ويغلق الصحف ويسب المعارضين ويعتقلهم ويرغب فى البقاء الأبدى فى السلطة بصلاحيات مطلقة، ثم يتهم كل من يعارضه داخل تركيا وخارجها إما بالتآمر أو الفاشية.

لقد دخل أردوغان مرحلة الاستبداد الشرقى بأريحية كاملة، ويصر أن يحكم بلدا كبيرا وعظيما مثل تركيا بأساليب النظم المنقرضة، ويحول رغبته المحمومة فى البقاء الأبدى للسلطة إلى قضية نضال ضد الاستعمار وأوروبا مثلما يفعل كثير من الحكام العرب.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان وأوروبا أردوغان وأوروبا



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia