حوارات المغرب 1 2

حوارات المغرب (1- 2)

حوارات المغرب (1- 2)

 تونس اليوم -

حوارات المغرب 1 2

بقلم : عمرو الشوبكي

دعيت إلى مؤتمر دولى عقد فى مدينة الداخلة بالصحراء المغربية الأسبوع الماضى نظمته مؤسسة Crans Montana العالمية وشارك فيه حوالى 1200 مدعو من 140 بلدا مختلفا تحت عنوان «نحو أفريقيا جديدة» وكانت فرصة للحوار والنقاش حول ما يجرى فى المغرب والعالم العربى وباقى بلاد الدنيا على مدار 5 أيام

والحقيقة أن هذا المؤتمر كان نموذجا حيا لاستخدام بلد عربى غير نفطى لمفهوم القوة الناعمة والدفاع عن قضاياه وفى القلب منها قضية الصحراء المغربية دون ابتذال أو هتافات تعبوية تذكرنا بما كانت تقوم به بعض النظم العربية فى نهايات القرن الماضى، إنما بإعطاء فرصة لنقاش حر بين الحاضرين، وتقديم صورة طبيعية تقول إن تلك المنطقة لا تختلف كثيرا عن باقى المناطق المغربية.

والحقيقة أن الخبرة المغربية تذكرنى دائما بما سبق أن كتبته منذ حوالى 10 سنوات عن النموذج البريطانى حين وصفته فى أحد المقالات «ببريق الهدوء»، فهو نموذج سياسى وحضارى مستقر، والملكية فيه ضاربة فى جذور التاريخ منذ قرون طويلة وعرفت تراكما تاريخيا جعل البلد نموذجا للاستقرار فى المنطقة، لا تتوقع منه تغييرات فجائية أو ثورية، إنما هو دائما يحدث تغييرات إصلاحية.

وقد بدأ المغرب فى إحداث إصلاحات حقيقية فى عهد الملك الحالى محمد السادس بتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة فى 7 يناير 2004 كأداة فعالة للبحث عن الحقيقة فى ملفات انتهاكات حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا من خلال «جبر الضرر» ورد الاعتبار لهم. واعتبرت الدولة المغربية هذه الهيئة جهازا ذا اختصاصات غير قضائية فى مجال تسوية ملفات ماضى الانتهاكات لحقوق الإنسان بحيث تقتصر مهمتها على البحث على الحقيقة وتقييم الضرر.

وأعطت الحكومة المغربية الحق للهيئة لعمل جلسات استماع فى مختلف مدن المملكة وأعطت فرصة للأشخاص ضحايا الانتهاكات للتعبير بصفة شخصية ومباشرة على شاشة التليفزيون لما تعرضوا له من تنكيل وتعذيب وإهدار للكرامة وما تعرض له ذووهم من أضرار جسيمة مادية ومعنوية.

والحقيقة أن تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة جاء فى عهد الملك الجديد محمد السادس نجل الملك السابق الحسن الثانى الذى ارتكب فى عهده كثير من الانتهاكات، أى أنها لم تؤسس عقب ثورة إنما عبر «إرادة إصلاحية» صحيح أن هناك من يراها غير كافية إلا أنها فتحت الباب أمام النظام السياسى لإصلاح نفسه من داخله وبناء نموذج سياسى قابل للتطور.

والمفارقة أن المغرب الملكى المحافظ شكل هيئة الإنصاف والمصالحة فى حين أن مصر الجمهورية التى شهدت ثورة كبرى لم تفتح ملف الماضى ولو بمنطق جبر الضرر فى مفارقة تبدو لافتة.

وقد تواكب مع أعمال هذا المؤتمر قيام الملك محمد السادس بتكليف لسعد الدين العثمانى القيادى فى حزب العدالة والتنمية تشكيل حكومة جديدة بدلا من عبدالإله بن كيران، رئيس الحزب، بعد أن فشلت محاولات الأخير على مدار 5 أشهر فى تشكيلها، وهو الأمر الذى انعكس على حوارات كثير من الحاضرين مع المثقفين والسياسيين المغاربة.

وقد ذكر لى أحد المحامين المغاربة، وهو من المنتمين لحزب التقدم والاشتراكية، أن تكليف العثمانى هو رسالة مزدوجة للأحزاب أو بالونة اختبار، تقول إن هناك هامشا فى المغرب لكى تتحرك الأحزاب وتشكل الحكومة، ولكن هناك أيضا خطوطا حمراء يضعها النظام الملكى، وتلك ربما ميزة المغرب فى وضوح مساحات الجدل والخلاف وحدوده فى نفس الوقت بحيث تعرف أين تبدأ وأين تنتهى.

أما حوارات المؤتمر ومستقبل أفريقيا فيبقى ذلك حديث الغد.

صحيفة : المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوارات المغرب 1 2 حوارات المغرب 1 2



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia