براءة مبارك

براءة مبارك

براءة مبارك

 تونس اليوم -

براءة مبارك

بقلم : عمرو الشوبكي

طوى حكم النقض ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين صفحة كاملة من الجدل السياسى والقانونى، فمن حكم بالمؤبد، فى ظل تصاعد الموجة الثورية المناهضة لحكمه، إلى حكم بالبراءة من التهمة الكبرى (قتل المتظاهرين)، فى ظل تراجع هذه الموجة.

وإذا كان حكم محكمة النقض قد بُنى على براهين قانونية يعرف رجال القانون أن ما قُدم للمحكمة من أدلة لإدانة مبارك كانت ضعيفة، وأن الحجة القانونية، التى استند إليها البعض فى إدانته بأنه لم يقدم المساعدة لأشخاص كانوا فى حاجة إليها (أى المتظاهرين)، ليست لها حجية قانونية قوية، مثلما أكد كثير من فقهاء القانون المعارضين لسلطة مبارك، وبالتالى حسم حكم النقض الجدل القانونى وأنهاه.

أما من الناحية السياسية فالشىء اليقينى أن هناك شهداء سقطوا أثناء ثورة يناير، ولم تستطع العدالة أن تصل إلى أيادى القتلة لنقص الأدلة، وهنا سيصبح مفهوم العدالة الانتقالية- المنصوص عليه فى الدستور، والمهدر بإرادة سياسية وبرلمانية- طريقا لجبر الضرر وتعويض الضحايا والحفاظ على وحدة النسيج المجتمعى، التى يسعى البعض لتمزيقها كل يوم.

شهداء يناير سقطوا فى مرحلة لم يرَ فيها الشعب المصرى شهداء غيرهم دفاعا عن كرامة الوطن وحريته، ولكنهم فى السنوات الأخيرة وجدوا أن هناك شهداء آخرين سقطوا ليس فقط من المدنيين، إنما أيضا من رجال الجيش والشرطة بصورة دفعت أجهزة الدولة وجانبا من إعلامها إلى التمييز بين الشهداء وتجاهل شهداء يناير.

قضية إدانة مبارك حدثت قانونيا فى القصور الرئاسية وسياسيا بثورة يناير، ولكن حل مشاكل مصر ليست له علاقة بالانتقام من شخص مبارك، ولا أن الفشل الذى شهدته البلاد عقب الثورة يتحمل أغلبه مبارك، إنما فى الحقيقة أن كل الأطراف السياسية التى أدارت البلاد عقب يناير- سواء كانت المجلس العسكرى أو الإخوان المسلمين أو التيارات والنخب والأحزاب المدنية أو شِلَل المراهقة الثورية- هم جميعا مسؤولون عن التردى الذى وصلت إليه البلاد.

إن خطورة اختزال الثورة فى الانتقام من مبارك- ولو خارج إطار القانون وضمانات المحكمة العادلة- تعكس فشلا حقيقيا فى مواجهة التحديات والمشاكل الحالية، وتعكس أيضا انفصالا حقيقيا عن الواقع المعيش، الذى دلَّ كثير من مؤشراته على اعتبار قطاع كبير من الناس (ويراه الكثيرون غالبا) عصر مبارك أفضل من العهد الحالى، وأن الرجل فى النهاية حارب من أجل مصر، وكان أحد أبطال حرب أكتوبر.

اختزال أهداف ثورة يناير فى الانتقام من مبارك يعنى أننا لم نتعلم شيئا من دروس الماضى، وأن هذه الطريقة فى التفكير هى المسؤولة عن العودة إلى أوضاع أسوأ مما كانت عليه فى عهد مبارك، ولو كانت البلاد قد دخلت فى مسار انتقالى عقب تنحى مبارك عن السلطة يوم 11 فبراير تحافظ فيه على النظام القائم (بدلا من تفكيكه لصالح الفراغ وقتل السياسة) وتُصلحه من داخله، ويتقدم للرئاسة إما الراحل عمر سليمان أو أحمد شفيق أو عمرو موسى لقيادة البلاد بديلا لمبارك ومشروع التوريث، لكانت البلاد فى وضع أفضل مما هى فيه الآن، ولاحتفظ الناس بآلية ضغط سياسى وشعبى (دون قطيعة)، تدفع البلاد نحو التحول الديمقراطى وبناء دولة القانون.

حسنى مبارك صفحة طواها الشعب المصرى، والمستقبل لن يكون فيه مبارك، فاتركوا الرجل للماضى وحكم التاريخ

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

براءة مبارك براءة مبارك



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia