تنصيب رئيس جديد

تنصيب رئيس جديد

تنصيب رئيس جديد

 تونس اليوم -

تنصيب رئيس جديد

بقلم : عمرو الشوبكي

فى فرنسا تتم عملية تداول السلطة بصورة أكثر هدوءاً وبساطة من نظيرتها فى الولايات المتحدة، ولا تعرف احتفالات صاخبة يحضرها المرشح الخاسر وعشرات الآلاف من الجماهير مثلما يجرى فى ساحة «الكابيتول» فى واشنطن.

وقد تابع العالم مراسم تسليم السلطة إلى الرئيس الفرنسى المنتخب إيمانويل ماكرون من قبل الرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، فى مشهد تحسر على غيابه كثيرون فى العالم العربى.

والمؤكد أن الرئيس الفرنسى الشاب أمامه تحديات كثيرة، فهو أسس حركة شابة منذ عام سماها «إلى الأمام» تحولت مؤخرا إلى حزب، وأصبحت مطالبة بأن تخوض الانتخابات التشريعية منتصف الشهر القادم، وتواجه أحزابا راسخة ونوابا سابقين مخضرمين تمرسوا على العملية الانتخابية.

المؤكد أن ماكرون الفكرة الملهمة يختلف عن ماكرون الممارسة ومواجهة الواقع، فقد نجح الرجل بامتياز فى الجانب الأول فأسس تيارا منذ عام بطريقة مبتكرة ضم 400 عضو نزلوا جميعا القرى والمدن الفرنسية وتواصلوا مع الناس واستمعوا لآرائهم وأولوياتهم ومشاكلهم، وأعادوا كتابة ما استمعوا إليه فى برنامج جديد طُرح على الناس فى انتخابات الرئاسة وأوصل ماكرون إلى قصر «الإليزيه».

لقد أسس الرجل تيارا جديدا نجح فى كسر الثنائية المهيمنة على الحياة السياسية الفرنسية منذ تأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958، وضمت اليمين الديجولى الحاكم غالبا، أو اليسار الاشتراكى المعارض غالبا.

أما الجانب الثانى فهو تحدى ترجمة الفكرة الجديدة الملهمة إلى تجربة نجاح، وهنا سيكون الحكم النهائى على تجربة ماكرون الوليدة، لأن الأمر سيتعلق بأدواته السياسية والحزبية، وقدرته على تحويل الفكرة الجديدة إلى خبرة نجاح وإجراء الإصلاحات المطلوبة عمليا.

هل سينجح ماكرون فى تخفيض نسبة البطالة ومحاربة الإرهاب؟ لعل ركوبه سيارة عسكرية أثناء مراسم تنصيبه رئيسا وزيارته مصابى العمليات الإرهابية فى المستشفى العسكرى، وتأكيده على دعم الجيش والمخابرات، دليل على أنه سيعطى أولوية لمعركة الإرهاب على خلاف ما ادعت منافسته مارين لوبان من أنه لن يواجه الإرهاب بالصرامة المطلوبة.

لقد حاول ماكرون أن يغازل الجمهور الأكثر محافظة ودفاعا عن الهوية الفرنسية والخائف من تصاعد ظاهرة الإرهاب، فأظهر الوجه العسكرى لقوة فرنسا لحظة تنصيبه رئيسا، خاصة أن موضوع محاربة الإرهاب ليس محل خلاف بين معظم الفرنسيين، بل سيحيد قطاعا من خصومة ولن يزعج أنصاره.

وسيبقى هناك تحدٍ آخر يتعلق بعلاقته بالمزارعين والمناطق الريفية، فالرجل هو ابن ثقافة المدن الكبرى التى صوتت له بكثافة وبنسب ساحقة فى الانتخابات الأخيرة، فيكفى أن العاصمة الفرنسية باريس صوتت لماكرون بنسبة 89% من أصوات الناخبين، وهى نسب غير مسبوقة، وكذلك مدينة ليون التى حصل فيها على 85% من الأصوات، وسيصبح الرجل أمام تحدٍ حقيقى فى مواجهة مشاكل المناطق الريفية والمزارعين الذين لم يصوت كثير منهم له. والمعروف أن كثيرا من مزارعى فرنسا يطالبون بسياسات حمائية للمحاصيل الفرنسية فى مواجهة نظيرتها الأوروبية فى ظل عولمة اقتصادية يعتبر ماكرون نفسه جزءا منها.

ستفتح تجربة ماكرون الباب أمام محاولة جديدة لإصلاح المنظومة السياسية التى تحكم البلاد منذ 60 عاما من داخلها، وعلى يد رئيس شاب قدم أفكارا جديدة وامتلك أيضا أدوات جديدة ستُختبر فى خلال الأشهر القادمة على أرض الواقع، فإما تنجح فتضعف من فرص اليمين المتطرف للوصول للحكم أو تفشل فتُعظم من فرصه فى الانتخابات القادمة بعد 5 سنوات.

المصدر : صحيفة  المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تنصيب رئيس جديد تنصيب رئيس جديد



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia