تحية للوفد

تحية للوفد

تحية للوفد

 تونس اليوم -

تحية للوفد

بقلم - عمرو الشوبكي

تعرض حزب الوفد، فى الأيام الماضية، لضغوط كبيرة من أجل تغيير موقفه فى اللحظات الأخيرة، والدفع بمرشح ديكور أمام الرئيس السيسي بعد أن أعلن الحزب دعمه له.

والحقيقة أن حزب الوفد مثل حزب التجمع، كلاهما أيد الرئيس بطريقة عاقلة لأنهما أصدرا بيانات تؤكد مطالبتهما الرئيس بإجراء إصلاحات سياسية والسماح للأحزاب بالحركة خارج مقارها وفتح ملف الحريات وحقوق الإنسان، وبالتالى لم يعد متخيلا ولا مقبولا أن يقوم حزب الوفد، عقب هذا التأييد، بتغيير موقفه وإعلانه الدخول فى منافسة شكلية مع الرئيس، فالقضية هنا أصبح لها علاقة بالكرامة واحترام الحزب لنفسه، لا موقفاً سياسياً يتفق أو يختلف عليه، خاصة أن هذه الطلب لم ينطل على أحد فى الداخل والخارج، بل أعطى مادة جديدة للصحافة العالمية للتهكم والسخرية على وجود مؤيد وداعم للرئيس يترشح كمنافس أمامه.

ورغم أن الحل لم يكن فى تقديم مرشح مؤيد للرئيس إنما فى أن يترشح الرئيس بمفرده، وأن يجرى نقاش عام عن أخطاء الولاية الأولى، وما هى الأوليات المختلفة التى يراها جزء كبير من الرأى العام والنخب الاقتصادية والسياسية عن أولويات الرئيس، كل هذا نقاش عام مطلوب وغائب حتى الآن بكل أسف.

إذا لم تنظر الدولة تحت أقدامها وأقرت بأن انتخابات الرئاسة محطة تعثر، وحسمت سياسياً الشكل الذى تريده لنظامنا السياسى وهل سيكون نظام الحزب الواحد والاستفتاءات، أم نظام التعددية المقيدة الذى يسمح بقدر محسوب من التنوع تمهيدا للانتقال الديمقراطى وبناء دولة القانون وتغيير النظرية الحاكمة التى تقول إن مبارك سقط بسبب الهامش السياسى، بل هو بقى فى السلطة 30 عاما نتيجة هذا الهامش.

ومن هناك فإن قرار الهيئة العليا لحزب الوفد برفض تقديم مرشح ديكور أمام الرئيس السيسى بعد أن أعلن الحزب تأييده جاء فى محله تماماً، وأعطى للحزب ميزة نسبية يمكنه أن يستفيد بها لصالح تطوير الحياة السياسية والحزبية، لأنها ببساطة ستعطيه مصداقية وسط الناس وأنه حزب لا يسير من خارجه، إنما تحكمه قواعد ولوائح داخلية وأنه لا يقبل على كرامته أن يكون محللاً فى انتخابات رئاسية سبق أن أعلن موقفه المؤيد فيها.

إن إصلاحية الوفد تعنى أنه مؤيد للدولة وداعم لها حين تتعرض لأخطار وجودية كالإرهاب مثلا، ولكنه يمتلك القدرة أن يختلف مع أداء النظام السياسى وتوجهاته وينتقد (حتى لو أهدر بعض نوابه هذه الميزة)، ويجب أن يدافع بقوة أكبر عن دولة القانون، ويطبق شعاره الخالد: الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة.

قوة الوفد الكامنة تكمن فى أنه قادر على أن يكون رمانة ميزان فى مرحلة تعانى منها البلاد من استقطاب عميق، وأنه قادر على لعب دور أكبر فى المرحلة القادمة إذا استطاع أن يبنى مؤسسة حزبية حقيقية، وأن يجرى انتخابات رئاسة الحزب وهيئته العليا فى موعدها، ويقدم نموذجا للمجتمع أنه يحترم لوائحه ونظمه الداخلية، وبالتالى ستكون لديه مصداقية أكبر حين يطالب الدولة باحترام الدستور.

قرار الهيئة العليا للوفد بغالبية كاسحة بعدم الدفع بمرشح فى انتخابات الرئاسة يستحق التحية والإشادة، ويعطى أملاً بأنه مازال هناك هامش «استقلالية» أمام الأحزاب المدنية تستطيع أن تبنى عليه مزيداً من الشرعية والتأثير.

المصدر : المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحية للوفد تحية للوفد



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل

GMT 10:23 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أفكار بسيطة لإضافة لمسة بوهيمية جذابة إلى منزلك

GMT 13:38 2013 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسوأ إطلالات المشاهير لعام 2013
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia