العقائد الفاسدة

العقائد الفاسدة

العقائد الفاسدة

 تونس اليوم -

العقائد الفاسدة

بقلم : عمرو الشوبكي

الحديث العلنى عن أن هناك عقائد دينية فاسدة جريمة مكتملة الأركان، ليس لأن الأمر تجاوز القيم الإيمانية، التى تعطى لأى شخص الحق فى ألا يؤمن بعقائد الآخرين، إنما لأن المفترض ألّا يهينها أحد على الملء ولا يزدريها ولا يضع نفسه حَكَماً على نصوصها ولا إلهاً يقرر مَن سيدخل الجنة ومَن سيدخل النار، خاصة أنها تأتى من بشر لم يفوضه الله أن يحكم بين الناس.

يقيناً، موضوع إساءة الشيخ سالم عبدالجليل للمسيحية والمسيحيين أمر صادم، ليس بسبب قناعات الرجل الشخصية تجاه المسيحية، فهو أمر يخصه، فقد قضى الرجل مع أول فرصة على الصورة السطحية والدعائية عن حب رجال الدين لعقائد بعضهم البعض، وكأنه مطلوب من رجال الدين الإسلامى والمسيحى أن يؤمنوا بعقائد غيرهم، وهو أمر يعكس قدرا من السطحية والجهل نادرين، فالمطلوب هو احترام عقيدة الآخر لا حبها، لأن هناك ملايين من شركائك فى الوطن والإنسانية يؤمنون بعقيدة أخرى يجب بالقانون أن تحترمها.

وكثيرا ما سمعنا من بعض المسلمين أسئلة فى غاية السطحية تتعلق بكيف أن المسيحيين لا يؤمنون برسالة سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، فى حين أن المسلمين يؤمنون برسالة سيدنا عيسى، عليه السلام، وبالمسيحية، وهو فى الحقيقة أمر لا يعطى أى أفضلية للمسلمين، لأنه لو أن المسيحيين آمنوا برسالة سيدنا محمد لما أصبحوا من الأصل مسيحيين، فى حين أن مَن يعتبر رسوله هو خاتم الأنبياء فطبيعى أن يؤمن بمَن هو قبله وليس بمَن هو بعده.

والحقيقة أن قضية إهانة الشيخ سالم عبدالجليل للمسيحية تعيدنا مرة أخرى إلى قضية ازدراء الأديان، فقناعة كل رجل دين بعدم صحة عقيدة الدين الآخر أمر بديهى، وأن ما يضمره الكثيرون من آراء سلبية حول عقائد أصحاب الديانات الأخرى أمر متكرر، وتبقى المشكلة فى وجود قانون يرفض إهانة وسب وازدراء عقائد الآخرين.

ولعل كثيرين وقعوا فى تناقض كبير حين طالبوا بضرورة إلغاء مادة ازدراء الأديان فى القانون، وعادوا وطالبوا بتطبيقها على الشيخ سالم، فى تناقض ومفارقة صادمة، ولأننا كنا مع تعديل القانون لا مع إلغائه، بمعنى نسف النص القديم لصالح نص جديد يحاسب كل مَن يسب ويهين عقيدة ديانة أخرى ويسىء لأصحابها، دون أن يؤدى إلى محاكمة البعض على آرائهم فى رفض اجتهادات بعض الفقهاء أو جوانب من التراث، فهذه كلها أمور يجب أن تكون مباحة فى إطار حرية الرأى والتعبير، أما أن تقول إن عقيدة المسيحيين فاسدة، والإسلام دين القتل، أى تسب وتهين عقيدة أصحاب ديانة أخرى، فهذا أمر يجب أن يعاقب عليه القانون.

يقيناً، الفارق بين مجتمعاتنا العربية والغربية أنه فى الأخيرة هناك تسامح مع أى نقد لكل المقدسات الدينية، سواء كانت مسيحية أو إسلامية، وأن النقد الذى تعرض له الإسلام مؤخرا يأتى فى مجتمعات انتقدت- وأحيانا بصورة أكثر حدة- المسيحية، لأن المجتمع هناك لا يعتبر أن انتقاد المقدسات الدينية يمس قيمه وثوابته الأساسية، فى حين أن بلدا مثل مصر يعتبر المساس بالمقدسات الدينية، أى الإساءة للسيد المسيح.. شتم الإنجيل.. إهانة القرآن الكريم، أمرا صادما ومرفوضا بالنسبة للمسلمين والمسيحيين، وهى كلها أمور يجب أن تخضع للمحاسبة القانونية مادامت انتقلت إلى العلن والمجال العام، فيصبح الأمر يخص المجتمع والنظام العام والقانون.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقائد الفاسدة العقائد الفاسدة



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia