وثائقى من نوع خاص

وثائقى من نوع خاص

وثائقى من نوع خاص

 تونس اليوم -

وثائقى من نوع خاص

بقلم : عمرو الشوبكي

سافرت الأسبوع الماضى للمغرب لحضور ورشة عمل عن «مستقبل أفريقيا»، ورغم أن الندوة لم يكن فيها جديد يستدعى عرضه على القارئ الكريم، فإنها أتاحت لى فرصة مشاهدة فيلم وثائقى، عرضته القناة الثالثة من التليفزيون الفرنسى (المُشاهَد بقوة فى المغرب)، يوم الخميس الماضى، عن معركة زواج المثليين، التى شهدتها فرنسا فى 2013، عارضة بدقة حجم الانقسام العنيف الذى شهده المجتمع فى مواجهة القانون، والذى حمل عنوان «الزواج للجميع».

والفيلم فى الحقيقة كان موثقا بطريقة مهنية وجذابة، ووجدت أنى كتبت وقتها عن هذه القضية الشائكة، واصفا تبنى المثليين للأطفال بـ«جريمة ضد الإنسانية»، لأنه سيدفع الواحد منهم لكى يكون مثل مَن سُمّيا أبويه، وهما من نفس الجنس.

ما جرى فى فرنسا يحتاج للتأمل، خاصة بعد إثارة القضية فى مصر، عقب رفع عَلَم المثليين فى إحدى حفلات القاهرة، واعتبار تيار محدود من الليبراليين «المتعولمين» فى مصر أن من حقهم التعبير عن أنفسهم ومشاعرهم.

والحقيقة أن بلدا مثل فرنسا تنطلق منظومة قيمه من أنه لا سلطان على عقل الإنسان ومشاعره ورغباته إلا القوانين الوضعية، فلا سلطة لدين ورب ومقدسات، وكل ذلك قابل للنقد والرفض، ومع ذلك سنجد أن الشارع الفرنسى لم يتحرك ضد نظام الحكم فى البلاد بهذه القوة والعنف منذ 35 عاما إلا أثناء مظاهرات رفض قانون زواج المثليين فى 2013 فى عهد الرئيس الاشتراكى السابق فرانسوا هولاند،

فقد شارك مليون و400 ألف متظاهر ضد القانون، وجرت حوادث عنف غير مسبوقة ومواجهات دموية، سقط فيها مئات المصابين، وكانت الكراهية المتبادلة والعنف اللفظى والبدنى بين المؤيدين والمعارضين للقانون تشعرك بأنك فى بلد منقسم من العالم الثالث وليس فى بلد متقدم وديمقراطى.

وقد دلت كل استطلاعات الرأى التى خرجت وقتها على أن أغلب الفرنسيين يرفضون تبنى المثليين للأطفال، وأن الفارق لم يكن كبيرا بين مَن صوتوا لصالح القانون ومَن عارضوه فى البرلمان، وأن كثيرا من نواب الأرياف من أعضاء الحزب الاشتراكى الحاكم غابوا عن جلسة التصويت، كما شعر المعارضون بأنهم كانوا أغلبية فى الشارع، وأن النظام الديمقراطى خذلهم.

تيار واسع من العلمانيين والليبراليين الفرنسيين الذين عرفتهم كانوا مؤمنين بأن المثلية خارج الطبيعة الإنسانية السوية، وأنهم فى الوقت الذى يعتبرون فيه أن من حقهم أن يعيشوا بالطريقة التى يختارونها، يرفضون تقديمهم للمجتمع باعتبارهم جنسا طبيعيا ثالثا بين الرجل والمرأة، اسمه المثليون.

كثيرا ما كنت أترجم هذه الفكرة وفق ثقافتنا العربية الإسلامية بمقولة: «إذا بُليتم فاستتروا»، وأرى أن البعض ذهب بعيدا فى الدفاع عن الحرية الشخصية، وقبول الإعلان والجهر بنمط من العلاقات الاجتماعية صادم للمجتمع، وأن حجة أننا نعيش فى مجتمع ملىء بالأمراض- وأن كثيرا ممن انبروا مطالبين بالقصاص من بضعة شباب رفعوا عَلَم المثلية هم من المتحرشين والفاسدين والمنافقين- ليست دليلا على صحة موقف التطبيع مع هذه الظاهرة.

إن هذا لا يعنى قبول إهانة هؤلاء الشباب والاعتداء عليهم- كما أشارت بعض التقارير- والتشهير الإعلامى بهم دون مراعاة لأهلهم وذويهم، وسيظل موقف المجتمع وضميره الجمعى الأخلاقى والدينى من هذه القضية هو الرفض التام.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وثائقى من نوع خاص وثائقى من نوع خاص



GMT 06:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

يوم الدجاج المتعفن…يا رب رحمتك

GMT 06:47 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني ـ بنس وصندوق البريد اللبناني

GMT 06:45 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تكشف عن طموحات قيادية

GMT 06:40 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني يكشف وجهه…

GMT 06:38 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الى شعراء الأمة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia