العقول الممسوحة

العقول الممسوحة

العقول الممسوحة

 تونس اليوم -

العقول الممسوحة

بقلم : عمرو الشوبكي

أزمة نقابة الصحفيين مثل أزمة نقابة الأطباء مثل كثير من الأزمات السابقة واللاحقة، لها أسبابها التى يتحملها أشخاص أو وزارة أو نظام سياسى، وطالما لم نعرف أسباب كل أزمة ونحاسب المسؤول عنها فلن نتقدم خطوة للأمام.

والحقيقة أن تعمق الأزمات يرجع إلى ترك الحكم لخطاب دعائى، يبث الجهل ويمسح العقول ويصيب الفطرة الإنسانية بتشوهات حقيقية، ولا يناقش أى موضوع مهما كان صغيرا بمعزل عن نظرية المؤامرة التى تخفى الفشل والخيبة الثقيلة.

ما جرى فى نقابة الصحفيين (سواء كنت تحب الصحفيين أو تكرهم) انتهاك صارخ للقانون من قبل وزارة الداخلية، التى اقتحمت النقابة وألقت القبض على اثنين من الصحفيين دون وجود ممثل للنيابة ونقيب الصحفيين، مثلما تنص المادة 70 من قانون النقابة.

والحقيقة أن هناك ما يشبه الإجماع داخل الجماعة الصحفية المصرية على رفض هذا الاقتحام، صحيح أنه انقسم بين من اعتبر الرئيس غير مسؤول عن هذا الاقتحام، وفصل بين الرئاسة والداخلية، وأبدى تحفظا على وجود اثنين «مطلوبين للعدالة» داخل النقابة، فى حين أن التيار الأغلب وسط الصحفيين حمل النظام السياسى بكل أركانه مسؤولية ما جرى، وهناك تيار أقلية ثالث برر ما فعلته الداخلية على اعتبار أن هناك أمر نيابة وكان يجب تنفيذه.

أما أصحاب العقول الممسوحة فهم نوعية نادرة من الكائنات التى على استعداد أن تبرر القتل والحرق وإلقاء مياه النار على كل من يخالفها فى الرأى، وهى تستقى معلوماتها أو هلاوسها من إعلاميين (لا كتاب ولا صحفيين ولا باحثين) مطبلين لأى نظام، ويرددون كلاماً أقرب للتخاريف، وهم ليسوا على استعداد أن يقولوا نعم أخطأت الدولة، وأخطأت الداخلية حين اقتحمت نقابة الصحفيين أو حين اعتدى أفرادها على أطباء مستشفى المطرية، أو يردون على النقد بحجج فيها ولو ريحة منطق!!

هم لا يناقشون جوهر أى موضوع، فيحدثونك عن أخطاء الأطباء وأجورهم المرتفعة بدلا من الحديث عن الأطباء الذين ضربتهم الشرطة، ويقولون لك أحسن ما جرى للصحفيين ويسردون ممارسات تخص فى أغلبها بعض الإعلاميين المؤيدين، أو بعض السياسيين المعارضين على أنها جزء من نشاط نقابة الصحفيين، وهى لا علاقة لها بهم، أو يحدثونك عن مواقع وهمية لا رقيب عليها من أحد بما فيه الدولة، ونسوا أو تناسوا أن نقابة الصحفيين تضم عاملين فى صحف، سواء كانت قومية أو خاصة، مؤيدة ومعارضة لا تحرض على القتل ولا العنف حتى لو أخطأت، ومثلهم مثل باقى المهن لهم وعليهم، فـ«الأهرام» و«الأخبار» و«المصرى اليوم» و«الوطن» و«الشروق» كلها صحف كبيرة توزع، يتفق ويختلف مع سياستها التحريرية ولا ينطبق عليها حرف واحد من حملة أصحاب العقول الممسوحة.

الممسوحة عقولهم يبدأون مع كل مصيبة فى سب النخبة بكل ما تعنيه الكلمة من علم وحداثة، فالصحفيون ليسوا كلهم نخبة ورؤساء تحرير، فمعظمهم رواتبهم مثل رواتب عموم المصريين، وبالكاد يمكن وصفهم بأنهم ينتمون للطبقة الوسطى، فهم ليسوا هذا الإعلامى الذى بح صوته من التأييد أو ذاك الذى ورمت يداه من التطبيل.

العقول الممسوحة نسيت أو تناست أن من غسلوا أدمغتهم على مدار عامين جعلوهم مشوهين إنسانيا لا يفرق معهم إهانة الأطباء والمهندسين والمحامين ولا اعتقال الصحفيين، ولا معنى الدفاع عن الأرض، وسيظلون مؤيدين لكل خطيئة، مبررين لكل جريمة طالما هى بعيدة عنهم ولم تمسهم، وهم فى الحقيقة لا يعرفون أن البطش وسوء الأداء والتخبط صارت تلاحق الجميع حتى لو كان مواطنا صالحا على باب الله، الغنى مثل الفقير، المؤيد مثل المعارض، فطالما لا ينتمى للفئات المحصنة فهو معرض فى أى لحظة لأن يكون مثل الصحفى عمرو بدر وزملائه الذين اتهموا هذه المرة بأنهم تظاهروا من أجل تيران وصنافير مصرية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقول الممسوحة العقول الممسوحة



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia