ما قبل الحكم

ما قبل الحكم

ما قبل الحكم

 تونس اليوم -

ما قبل الحكم

بقلم : عمرو الشوبكي

الحكم الذى أصدرته محكمة الجنح بالإسكندرية ضد مديرها السابق إسماعيل سراج الدين بالحبس ثلاث سنوات علق عليه الرجل دون أن يعلق قائلا: «صدر حكم قضائى أولى من محكمة الجنح الجزئية بالإسكندرية ضدى، وطبقا للأعراف والقوانين فإنه لا يجوز التعليق على أحكام القضاء، لكننى أثق فى عدالة القضاء المصرى، لذا فإنه تم استئناف الحكم.

وأود أن أحيطكم أننى عبر سنوات طويلة من خدمة الوطن كنت دائما حريصا على الصالح العام، وشرفت بأن أتولى بناء مكتبة الإسكندرية، مؤسسة مصرية خالصة سرعان ما حصلت على اعتراف دولى، مع احترام كل القوانين المحلية والدولية، لكن رأى البعض فى سرعة الإنجاز وسرعة البناء رأياً آخر، لكننا فى النهاية نترك الحكم للتاريخ، والشهادة لمن عاصروا هذه التجربة».

وقد قُدم ضد سراج الدين طوال 15 عاما قضاها مديرا للمكتبة 118 بلاغا حُفظت جميعا، عدا مجموعة من البلاغات قدمها موظفون سابقون فى المكتبة أنهيت عقودهم لحصولهم على تقارير تقييم ضعيفة، وتضمنت باقى الاتهامات تأجير مقهى المكتبة بالأمر المباشر لشركة سيلانترو، وشراء سيارات فارهة، وصرف مكافآت باهظة لمستشارين من خارج المكتبة.

والحقيقة أن قضية الدكتور إسماعيل سراج الدين، أو بالأحرى محنته، أكبر من اسمه الشخصى (على قيمته العربية والدولية)، فهى تعكس أزمة أكبر وأعمق تتعلق بقدرة أى موظف عام ناجح (غير فاسد وغير مختلس) أن يخرج على القيود البيروقراطية، فى ظل لوائح إدارية مطاطة يمكن أن ينفذ منها أى مترصد لأى تجربة نجاح ويقدم ما يفيد التجاوز أو سوء الإدارة، كما أن سياسة الأمر المباشر، التى أصبحت فى الوقت الحالى نمطا عاما فى مشاريع مختلفة ولا يستطيع أحد أن يعترض عليها أو يناقشها، أصبحت محل مساءلة بالنسبة لسراج الدين فى تأجير مقهى.

القضية ليست فقط فى الحكم واجب الاحترام، إنما فى القوانين واللوائح التى تجعل أى شخص يقود صرحا مدنيا وثقافيا كبيرا بوزن مكتبة الإسكندرية مهددا ومعرضا دائما للمساءلة لخروجه عما هو تقليدى، وليس بسبب فساده أو انعدام كفاءته، وكأن المطلوب مدير عديم الكفاءة ولكنه ملتزم باللوائح يرقى الأقدم حتى لو كان أجهل، ويحول مؤسسته الناجحة إلى مصلحة حكومية فاشلة.

ليس مطلوبا لكى تنجح أى مؤسسة مدنية أن تأخذ حصانة خاصة مثلما هو حادث مع كثير من المؤسسات، ولا أن تدار بالبيروقراطية مثل باقى المصالح الحكومية، إنما نحن فى حاجة إلى قوانين ولوائح مرنة تحارب الفساد وتعلى من الكفاءة والمبادرة السريعة وتحول هذه المؤسسات إلى قاطرة للحداثة والتطوير تجر باقى مؤسساتنا الوطنية الراكدة للأمام.

مكتبة الإسكندرية مرشحة لأن تلعب هذا الدور مع غيرها، بشرط ألا نجد طوال الوقت ثغرات لائحية تدفع موظفا فاشلا للذهاب للمحكمة معتبرا تجاوزه فى الترقية عدم عدالة.

بيان د. مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية الحالى، كان محترما ومتضامنا مع رئيسها السابق، وكسر عادة مصرية غير حميدة بأن تهيل أى قيادة جديدة التراب على سابقيها، والمطلوب مراجعة كثير من القوانين واللوائح حتى تعطى حرية حركة لكل مسؤول مدنى مخلص ليطور بطريقته المؤسسة التى يرأسها وكفى معاقبة الناس (سراج الدين) على جوانبهم الإيجابية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما قبل الحكم ما قبل الحكم



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia