الجريمة الكبرى

الجريمة الكبرى

الجريمة الكبرى

 تونس اليوم -

الجريمة الكبرى

بقلم : عمرو الشوبكي

نسف استهداف مسجد فى مصر كل الأسس العقائدية والتفسيرات الدينية المتطرفة والمنحرفة التى تبرر استخدام العنف بحق النظم الحاكمة وأحيانا بحق أصحاب الديانات غير الإسلامية، أو المذاهب الأخرى من خارج أهل السنة، وذلك باستهداف مسجد ومصلين مسلمين سنة.

يقينا جريمة «صلاة الجمعة» هى الأبشع فى تاريخ مصر المعاصر، من حيث رمزية الاستهداف وعدد الضحايا الذى بلغ 305 شهداء، وفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول دوافع القيام بعمل إرهابى بهذا الوزن يستهدف أبرياء، ويقوض أى تعاطف نالته جماعات العنف والإرهاب من قبل البيئة الحاضنة.

إن دواعش سيناء على خلاف دواعش العراق وسوريا لم يسيطروا على أرض ولم يحتلوا مدناً، إنما ظلوا يعيشون فى الخفاء، يظهرون لتنفيذ جرائمهم ثم يختفون، ولذا لم ير كثيرون شكل حكمهم وطبيعة جرائمهم مثلما جرى فى مدن عراقية وسورية كثيرة (قبل تحريرها مؤخرا)، وظلوا مثل الأشباح التى تجند أغلب عناصرها من خلال خطاب انتقامى من السلطة ومن تجاوزاتها حتى اعتبرت نيل تعاطف الناس هدفا فى ممارستها اليومية.

إن هذه العملية المتطابقة مع أساليب داعش فى مساجد الشيعة فى العراق (لم تتبنها داعش حتى الآن) استغنت عن تعاطف البيئة الحاضنة لصالح أهداف جديدة، ربما أهمها الرغبة فى تفجير الوضع القبلى فى سيناء وإدخاله فى اقتتال أهلى، خاصة بعد تغذية بعض أطراف داخل الدولة وكثير من مندوبيها الإعلاميين لفكرة كارثية تدعو لتسليح القبائل فى سيناء، وهو ما أكده البيان الأخير لاتحاد قبائل سيناء الذى رفض تلقى العزاء إلا بعد الثأر من الإرهابيين، ودعا لتصفيتهم خارج إطار المحاكم، وهو ما فشلت فيه الدولة بكل إمكاناتها العسكرية على مدار ما يقرب من 4 سنوات.

هل يهدف من نفذ هذه العملية إلى إشعال مواجهات أهلية فى سيناء؟ هل تخلى الدواعش عن دعم البيئة الحاضنة وأصبح هدفهم هو الانتقام والثأر من الجميع بمن فيهم الشعب؟

المسجد المستهدف هو مسجد آل جرير (نسبة لرجل دين صوفى يقال إن له كرامات من قبيلة السواركة)، ويقع فى قرية الروضة القريبة من مدينة بئر العبد التى ينتمى أغلب أبنائها لقبيلة البياضية ويتعاون قسم منهم مع الدولة، أما قبيلة السواركة الكبرى فأحد أماكن تمركزها قرية الروضة المنكوبة، فهناك بعض أبنائها ينتمون لداعش أو يشكلون بيئة حاضنة لها، فى حين يتعاون قسم آخر منهم مع الدولة وأجهزتها، أما قبيلة الترابين(سبق أن اشتبكت مع السواركة المؤيدين للدواعش)، فإن غالبيتها الساحقة مؤيدة ومتعاونة مع الدولة والجيش.

فهل استهدف دواعش من السواركة أبناء عمومتهم، لأنهم صوفيون أو متعاونون مع الدولة، أم أن من قاموا بهذه الجريمة البشعة دواعش قبيلة أخرى وهدفهم تحويل سيناء إلى ساحة قتال وخراب؟

إن العقل البشرى يعجز عن تقديم تفسير إنسانى من أى نوع لدوافع قتل الأبرياء فى مسجد بسيناء، لأن مرتكبيها مرضى ومشوهون نفسيا تُركوا حتى تملكتهم روح الانتقام والكراهية، ومواجهتهم لن تكون بتسليح القبائل، فهى كارثة على مصر وليس فقط سيناء، لأنها ستقضى على مزيد من الأرواح البريئة لا الإرهاب، إنما بمواجهة اجتماعية وسياسية لمشاكل المجتمع المصرى والسيناوى جنبا إلى جنب مع المواجهة الأمنية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجريمة الكبرى الجريمة الكبرى



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:37 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي أجود أنواع البلسم الطبيعي للشعر المصبوغ

GMT 02:12 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق بالبيج والنبيتي من لبنان

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 16:23 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

تعرف على المطاعم في العاصمة الكينية "نيروبي"

GMT 18:51 2019 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

السمك يحمي صغيرك من الإكزيما
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia