تثبيت الدولة

تثبيت الدولة

تثبيت الدولة

 تونس اليوم -

تثبيت الدولة

بقلم : عمرو الشوبكي

طالب الرئيس السيسى الإعلام بالعمل على «تثبيت الدولة» وتوعية الشعب بالمخاطر التى تهددها، فانبرت الهيئة الوطنية للصحافة وطالبت رؤساء تحرير الصحف القومية بإعداد مبادرات صحفية لمواجهة هذه المخاطر والعمل على تثبيت الدولة.

والحقيقة أن هذا المفهوم يحتاج مراجعة جذرية، لأنه يصر على التمسك بخطاب المؤامرات الخارجية واستهداف الدولة من قِبَل الإخوان والطابور الخامس وأهل الشر، وانضم إليهم معارضون سلميون من تيارات سياسية شاركت فى انتفاضة 30 يونيو (ولولاهم لما سقط حكم الإخوان)، وتجاهل أوجه القصور الداخلية فى السياسة والاقتصاد، وسوء الأداء وانعدام الكفاءة وغياب دولة القانون كمُهدِّدات لتثبيت الدولة.

إن الحفاظ على الدولة ليس فقط بمواجهة الأخطار الخارجية والمؤامرات، إنما أيضا بمواجهة سوء الأداء وانعدام الكفاءة وغياب المحاسبة، فلم تسقط دولة واحدة تنجز فى أى مجال، حتى لو فقط فى المجال الاقتصادى، إنما كل الدول التى سقطت عانت نظما «فوق استبدادية» فاشلة، فالمؤامرات على دول الخليج العربى لم تتوقف منذ نصف القرن، ولم تسقط دولها لأنها مجتمعات وفرة اقتصادية، وهناك توافق مجتمعى فى معظم بلدانها على نظمها السياسية، وبلد مثل مصر لم تنقطع المؤامرات الخارجية عليه طوال 16 عاما من حكم عبدالناصر، ومع ذلك لم تسقط الدولة المصرية.

أما النظم الديمقراطية فكثير منها تقدم فى كل المجالات، وبعضها يعانى أزمات سياسية واقتصادية، ولكن الدولة فيها غير مُهدَّدة، وهناك نظم تعددية مقيدة لا تعرف ديمقراطية كاملة، وتعانى أيضا مشكلات، مثل تركيا المتراجعة فيها الديمقراطية، وإيران الغائبة عنها الديمقراطية أمام سلطة ولاية الفقيه، والمغرب التى تتقدم فيها الديمقراطية فى ظل دولة ملكية راسخة، وتونس صاحبة تجربة الانتقال الديمقراطى الوحيدة فى العالم العربى، رغم التعثرات والتحديات الكبيرة، وهناك قوة عظمى مثل الصين، لا تعرف من الأصل الديمقراطية، ولكنها تعرف قانونا ينظم كل شىء، ويضفى قواعد- حتى- على الاستبداد، ويُعرِّف كل مواطن أين خطوطه الحمراء.

كل هذه التجارب قد يعتبر البعض أن نظمها سيئة أو جيدة، وقد يختلف حولها الناس، ولكن جميعها الدولة فيها غير مُهدَّدة وغير وارد سقوطها، ومؤسسات الدولة، أى الجيش والشرطة والقضاء والإدارة، تعانى مشاكل، ولكنها غير مُهدَّدة بالسقوط أو الانقسام، ولا يتحدث فيها أحد عن تثبيت للدولة، إنما عن خصوم محددين وعن أعداء وعن تحديات وخطط للعمل والمواجهة.

تجارب سقوط الدولة لم تعرفها إلا نظم فاشلة عديمة الكفاءة «فوق استبدادية»، ارتكبت من الخطايا ما أدى فى النهاية إلى سقوط الدولة، فخطر سقوط الدولة حقيقى، ولكننا لم نره إلا فى نوعية خاصة من النظم الاستبدادية فى عالمنا العربى، ألغى أحدها دولة عربية من على الخريطة (الكويت)، فقدم حجة للغزو الأمريكى الأول والثانى، الذى هدم الدولة العراقية، وهناك آخر (القذافى)، الذى غيَّب مؤسسات الدولة الوطنية من الأصل، فأدى سقوط نظامه تلقائيا إلى سقوط شبه الدولة فى ليبيا.

ستثبت الدولة فى مصر تلقائيا بدولة قانون تنفذ الأحكام والعدالة، وإعلام حر يعمل فى إطار الدستور والقانون والقواعد المهنية (وفقط) ونقاش عام حول مشاريعنا القومية ومستقبلها، وبمعرفة السلبيات الداخلية ومواجهتها، عندها فقط ستثبت الدولة دون توجيهات رئاسية أو مبادرات.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تثبيت الدولة تثبيت الدولة



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia