من أطلقهم

من أطلقهم؟

من أطلقهم؟

 تونس اليوم -

من أطلقهم

عمرو الشوبكي

فى عهود مصر السابقة كنا نرى رجال دولة مؤيدين للنظام، وآخرين امتلكوا مهارات سياسية من خلال وجودهم فى حزب الدولة سواء كان اتحاداً اشتراكياً أو وطنياً ديمقراطياً، وشهدنا أيضا رجال دولة تعلموا فى جامعات محترمة واختاروا أن يكونوا جزءاً من النظام على أمل أن يصبحوا وزراء أو مسؤولين كباراً.

وكانت للدولة أنياب وأظافر تستطيع أن تواجه بها خصومها السياسيين من جهاز أمن إلى صحفيين وكتاب، وفى نهاية عهد مبارك شهدنا قلة قليلة من الشتامين ولكنهم تواروا خلف مئات الأسماء التى امتلكت كفاءة ما فى مكان ما حتى لو اتهمهم البعض بالانتهازية وموالاة السلطة.

ولم ينكر الكثيرون أنه كانت فى مصر مجموعة اقتصادية تعلمت أفضل تعليم وامتلكت رؤية وتوجهاً متجانساً، صحيح أن كثيرين اعترضوا على توجهات هذه المجموعة التى صبت سياستها فى صالح الأغنياء على حساب الأغلبية الفقيرة، إلا أن أداءها فى المجمل كان أفضل وبكثير من أداء المجموعة الاقتصادية الحالية.

والحقيقة أن الواقع الحالى يقول إن هناك حالة غير مسبوقة من الانهيار الكامل فى لغة الحوار، ليس فقط بسبب التسيب وغياب دولة القانون إنما بسبب استبعاد كل من له علاقة بالكفاءة والمهنية والعلم، حتى أخليت الساحة تماما لأصحاب اللسان الطويل والعقل الصغير، وصارت فواصل الردح والشتائم هى القوت اليومى للمصريين على يد مجموعة لا تتجاوز أصابع اليدين ممن حصنتهم الدولة وحمتهم أجهزتها.

هل يعقل كم الشتائم والبذاءات التى تعرضت لها وكيلة نقابة الأطباء لأنها دافعت عن كرامة الأطباء (ودون مناقشة لقرارات النقابة)، ومدرب نادى الزمالك السابق، والنائب محمد أنور السادات، وغيرهم العشرات والمئات حتى أصبحت رموز مرحلة «أخلاقنا» هى الانحطاط والتدنى والبذاءة دون غيرها.

مفارقة صادمة أن يكون حديث الحكم كل يوم عن الأخلاق والعمل والإنجاز ويكون الواقع مليئاً بالفهلوة والبذاءة والنفاق، فكيف يمكن لبلد انهارت فيه قيم وصناعات (كالسياحة مثلا) وتراجعت الزراعة والاستثمارات، ويعانى مشكلات كبيرة فى المياه وغيرها ولا تكون فيه نخبة سياسية قادرة على أن تعبر عن قيم العمل والإصلاح.

صحيح هناك بعض الوجوه الإصلاحية داخل الوزارة الحالية، ولكنها تعمل داخل إطار منظومة غير إصلاحية بل وتكره الإصلاح وتنحاز للجهلاء والشتامين والمخبرين الرخيصين.

والسؤال المطروح: من أطلق هذه الأشكال على الشعب المصرى؟ هل هم نموا وترعرعوا نتيجة حالة الفراغ السائدة، والتى جعلت خبيرا أمنيا مهنيا من مؤيدى النظام الحالى بشدة يصرخ وهو يتحدث عن حالة الفراغ السياسى والإعلامى المذهل فى التعامل مع قضية الطالب الإيطالى روجينى وغياب أى حديث رسمى أو غير رسمى حول هذا الموضوع إلا الإشارة الباهتة فى حديث وزير الداخلية المصرى.

أم أن هؤلاء المحصنين الشتامين نموا بسبب دعم الأجهزة الأمنية لهم ووجود قرار غير حكيم بأن يظلوا هم رموز المشهد العام فى مصر ليسمموه، ويدفعوا الناس إلى القول كل يوم بأننا نحن شعب متخلف وجاهل لأن فينا من اختار هؤلاء ونبقى فى النهاية تحت وصاية مجموعة الحكم؟

نحن لا ننجز فى الاقتصاد ولا السياسة وأزمتنا كبيرة بسبب اختيارات الحكم ورسائله المتناقضة، فلن ينجح أى مجتمع فى العمل والتضحية ورموزه هم المنافقون والطبالون والفاسدون، ولا يمكن أن تبنى جزيرة موازية للناس الطيبين ينجزون ويعملون فيها، وتترك الأشرار والفاسدين والشتامين يتسلون على الشعب المصرى: يخربون وعيه ويستبيحون قيمه، وننتظر بعد ذلك إنجازاً حقيقياً واحداً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أطلقهم من أطلقهم



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia