شكل البرلمان

شكل البرلمان

شكل البرلمان

 تونس اليوم -

شكل البرلمان

عمرو الشوبكي

الحديث عن البرلمان القادم «حمّال أوجه»، فهناك من يقول إنه سيكون الأسوأ، وهناك من يقول إنه سيعكس الوضعين الاجتماعى والسياسى فى مصر، وهناك ثالث يرى أنه لن يكون له «لازمة» ووجوده مثل عدمه، لأن هناك احتمالاً أن يعطل جهود الرئيس.
والحقيقة أن كراهية الأحزاب والبرلمان لصالح الفراغ الذى يؤسس لفشل مؤكد هو مثل كراهية الدولة لصالح الفوضى والاستباحة، ونظريات يسقط الرئيس القادم دون تقديم أى بديل.

والمؤكد أن البرلمان القادم لن يكون برلمانا مثاليا، وسيكون انعكاسا للوضعية السياسية والاجتماعية الحالية، فهناك كتلة مؤثرة ستقاطع الانتخابات سأماً أو كسلاً أو عدم ثقة، وهناك كتلة أخرى أقل عدداً ستقاطعها رفضاً ومعارضة، تقابلهما كتلة تقليدية عائدة بقوة عبر عنها فى المال والعصبيات، وهى تظل مقبولة طالما احترمت فى إنفاقها القانون وسقف الإنفاق.

يقينا الوجه المدنى والتقدمى والليبرالى لمصر سيتراجع فى هذه الانتخابات دون أن يختفى، فى حين أن الوجه المحافظ سيعود بقوة، وهو مفهوم ومقبول فى أى مجتمع، ولكن المشكلة فى «الحواشى» التى صاحبته نتيجة خطاب الخزعبلات الفضائية الذى يردده بعض الإعلاميين حتى صارت نظريات البعض البائسة عن المؤامرات الكونية وعن مجلس إدارة العالم وعن حروب النيازك تسير جنبا إلى جنب حوار الحديث عن مؤامرات لجنة الخمسين على الأمن القومى والبرلمان الذى يسحب الثقة من الرئيس كذباً وزوراً، وغيرها من المقولات المضحكة المبكية.

والحقيقة أن البرلمان القادم سيكون انتصارا للقوى المحافظة والتقليدية مع وجود قلة مدنية وليبرالية، وهو أمر يمكن تفهمه فى ظل الظروف التى شهدتها البلاد فى أعقاب حكم الإخوان، ولكن الأمر غير الوارد هو تمكن الخرافة ونظريات المؤامرة المضحكة من قطاع يعتد به من الناس نتيجة تساهل الدولة مع كثير من المخالفات والجرائم الجسيمة التى تروجها بعض وسائل الإعلام، وغياب قوانين تنظم المجال العام والسياسى وتردع المخالفين.

شكل البرلمان كما المجتمع، ليس فى أنه اتجه يمينا أو يسارا، إنما فى صعود تيار عودة مصر للخلف تحت دعاوى متعددة، وهو أمر خطر وسنرى تداعياته فى المستقبل المنظور وليس البعيد.

والحقيقة أن التحدى الأكبر الذى سيواجه البرلمان سيتمثل فى قدرته على أن يمثل التنوع الموجود داخل المجتمع المصرى، وألا يعيد إنتاج النظام الأقدم بأشكال جديدة، سواء عن طريق منظومة القوى القديمة، ممثلة فى الحزب الوطنى، أو قوى جديدة تسير على منظومة الوطنى وبأشخاص جديدين.

إن نجاح أى نظام يتوقف على قدرته فى أن يحول البرلمان إلى مؤسسة تضم أغلب القوى السياسية الموجودة فى الشارع، وهذا تحدٍ كبير غير مؤكد أن ينجح البرلمان القادم فى تحقيقه، خاصة فى ظل قانون الانتخاب الحالى.

المؤكد أن مشكلات الواقع الحالى ليست امتداداً لما كان يجرى فى العهد السابق، ولكنها بالتأكيد قد تتقاطع معها فى بعض الجوانب، ومن المهم أن نواجه مشاكلنا بصدق ونعترف بها لأن هذا هو طريق مواجهتها.

إن البرلمان القادم سيكون مهددا بخطرين: الأول هو فشله فى أن يعبر عن الجديد الذى تولد فى المجتمع المصرى منذ ثورة يناير، والثانى هو أن يعكس كثيرا من ثقافة النظام القديم وآليات عمله، حتى لو أضيفت إليه بعض الرتوش، وهو سيعنى عدم قدرته على دمج كثير من القوى السياسية التى لم تمارس ولم تحرض على العنف فى داخل العملية السياسية، وإقناعها بجدوى العلمية الديمقراطية، وأن البلد يمكنه فى حال بناء بديل مدنى أن يتحول نحو الديمقراطية ودولة القانون.

أخطر ما تعانى منه مصر هو «التجريف المباركى» الذى أصاب المجتمع وكثيرا من المؤسسات، فالمعضلة ليست فى التوجه السياسى كما كان يقيس البعض موقفهم من نظامى عبدالناصر والسادات، فالأول رفضه أهل اليمين، والثانى رفضه أهل اليسار، إنما فى الحالة التى وصفها الأستاذ هيكل «الجرار الذى بطط البلد» فأصبحت المشكلة فى الإعلام العشوائى والأحزاب الضعيفة والتعليم الذى لا يعلم، والسلطة التنفيذية التى يعانى أداؤها من هذا التجريف ومعها ستكون السلطة التشريعية القادمة.

شكل البرلمان القادم سيكون شكل الحالة المصرية الحالية، ومعضلته أن الدولة لم تهتم بوضع قوانين ملائمة تنظم العملية الانتخابية وتساعد الأحزاب على النمو وتضمن تمثيلا متنوعا للتيارات المختلفة، وتضع الحدود الفاصلة بين حرية الرأى وحرية السباب، وهى كلها أمور يمكن أن تساعد فى تحسين الصورة ولا نقول جعلها مثالية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكل البرلمان شكل البرلمان



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia