النصر المؤجل على الإرهاب

النصر المؤجل على الإرهاب

النصر المؤجل على الإرهاب

 تونس اليوم -

النصر المؤجل على الإرهاب

عمرو الشوبكي

ما جرى فى سيناء يوم الأحد الماضى قاس وصعب على النفس، ليس فقط بسبب حدوث عمليتين إرهابيتين فى يوم واحد، راح ضحيتهما 15 شهيدا وعشرات المصابين، وقبلها بأيام استهدف كمين آخر فى الشيخ زويد سقط فيه 16 شهيدا، إنما أيضاً لأن هذه العمليات باتت متكررة رغم الحديث الدائم عن سقوط شبه يومى لعشرات الإرهابيين، وعن خطط جديدة وقادة جدد ونصر قريب، ومع ذلك يزداد الوضع صعوبة داخل سيناء وخارجها، ويسقط كل يوم شهداء فى عمر الزهور دون أن نسأل السؤال الصعب: هل حربنا على الإرهاب بهذه الطريقة قادرة على أن تجلب النصر وتوقف نزيف الدم اليومى، أم نحتاج إلى مراجعة عميقة فى أمور كثيرة بعيدا عن تهليل الإعلام وطبول الحرب التى يطلقها البعض وراء الميكروفونات ويدفع ثمنها على الأرض خيرة شباب مصر؟

والمؤكد أن هناك استراتيجية بديهية لمواجهة الإرهاب يرددها تقريبا الجميع، وتقول إن القوة المسلحة لن تحل بمفردها مشكلة الإرهاب، وإن الاستراتيجية الناجحة تعنى ضرورة امتلاك رؤية سياسية واجتماعية ودينية لتغيير البيئة الحاضنة التى تنتج الإرهاب أو تحميه أو تتواطأ معه.

والحقيقة أن معركة مصر ضد الإرهاب ليست أساسا مع العصابات الإجرامية التى ترفع السلاح وتروع الأبرياء، وتقتل رجال الجيش والشرطة الشرفاء، إنما مع البيئة الاجتماعية المحيطة التى جعلت انتشاره واقعا حقيقيا، وهذه البيئة قد تكون مظالم سياسية أو اجتماعية، أو علاقة ثأرية مع الدولة، أو رواية سياسية نتيجة ما جرى فى مصر عقب 3 يوليو تبرر العنف، أو انحرافا دينيا أو عقائديا.

والمؤكد أن الاشتباك مع البيئة الحاضنة لا يعنى تهجير ما يقرب من مليون مواطن مصرى يعيشون فى سيناء كما قال البعض، إنما فى التواصل السياسى والاجتماعى معهم، وبما أن مصر لا توجد فيها أى قنوات تواصل مدنية تُذكر، ولا رؤية سياسية ولا برلمان، فغاب التواصل المجتمعى مع أهل سيناء ولم يستمع أحد لمشاكلهم التى يعانون منها عملياً على الأرض، (ربما محاولة «المصرى اليوم» الأسبوع الماضى فى الحوار مع أحد مشايخ سيناء، وإشارته لمثالب كثيرة تعد بداية مهمة).

لا يوجد مجتمع عانى من الإرهاب إلا وسأل نفسه السؤال البديهى: لماذا هناك إرهابيون؟ قبل أن يهتف بالقصاص منهم.. فهذا سؤال يطرحه الغرب الديمقراطى حين صُدم بانضمام آلاف من مسلميه إلى تنظيم داعش الإرهابى، وسؤال طُرح فى الجزائر عقب «عشريتها السوداء» (مقصود بها عقد التسعينيات) التى راح ضحيتها 100 ألف مواطن نتيجة الإرهاب، وقامت الدولة بمبادرات كثيرة لاستيعاب العناصر المسلحة حتى قدم الرئيس الجزائرى بوتفليقة مبادرته الشهيرة للمصالحة الوطنية والوئام المدنى.

والمؤكد أن مصر، كما فى أى بلد، لن تتصالح مع من حملوا السلاح وقتلوا أبناءها، إنما هى فى حاجة لأن تتصالح مع البيئة الاجتماعية المحيطة بهؤلاء، وأن تفتح باب التوبة لمن تأثروا بخطاب العنف، وربما كانوا جزءاً من مشروعه دون أن يتورطوا فى عمليات قتل، كل ذلك حدث حولنا وفى كل التجارب التى اكتوت بنار الإرهاب، فمواجهته كانت بمبادرات سياسية تفصل الإرهابيين عن البيئة الحاضنة، لا إنعاشها نتيجة ممارسات خاطئة تدفع كل يوم آلاف الشباب نحو ممارسة العنف.

من يتصور أن محاربة الإرهاب ستنجح بالهتافات الإعلامية أو فقط بالقوة المسلحة، فى ظل انعدام الرؤية السياسية وحصار للمبادرات الأهلية وغياب للشفافية، فهو مخطئ، فالإرهاب مرشح للتفاقم ليس فقط بسبب وجود الإرهابيين الأشرار إنما بسبب فشل سياسى واضح.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النصر المؤجل على الإرهاب النصر المؤجل على الإرهاب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia