المبادرة القطرية

المبادرة القطرية

المبادرة القطرية

 تونس اليوم -

المبادرة القطرية

عمرو الشوبكي

قطر ليست دولة بالمعنى المتعارف عليه، فالقدر أعطاها النفط والغاز فجلبا لها المال، والقدر أيضاً ابتلى شعبها بنظام حكم هو الأسوأ في تاريخ النظم العربية، فليس عيباً أن تكون صغيراً بلا عمق تاريخى، ومحدوداً في مواردك الإنسانية، ولكن العيب (كل العيب) أن تنفق كل هذه الأموال في التخريب والهدم والحقد على كل دول المنطقة، وتتصور أن قناة تليفزيونية يمكن أن تصنع لك مستقبلاً، مثلما تصورت أنك يمكن أن تشترى دوراً بشيكات مدفوعة فعلتها من قبل مع سياسيين عرب، وكررتها لكى تنال تنظيم كأس العالم، وتتصور أنك بالرشوة والفساد يمكن أن تصبح دولة وتنسى أن شراء الذمم ورشوة الناس لا يمكن أن تصنع لك مستقبلاً.
قطر المتلونة تتعامل حسب الحاجة بوجه مع إسرائيل توظفه حسب الحاجة، ولها أيضاً وجه إخوانى ثان، وثالث ثورى، وهى حليفة أمريكا والإخوان، وصديقة إسرائيل وحماس، وتؤسس نظاماً رجعياً ومستبداً وفاسداً وتعطيك دروساً في الثورية والديمقراطية.
نعم قطر تسوّق نفسها عن طريق قناة الجزيرة أنها دولة ثورية بعد أن سقطت دول الممانعة التي «تمحكت» فيها أيضاً في الماضى، في نفس الوقت الذي تستضيف فيه أكبر قاعدة أمريكية في العالم العربى، ولديها علاقات قوية بالإسرائيليين، ولاتزال ترى مصر من خلال حديث الثورة إذا كان في صالح الإخوان، وترفضه أو تهمشه إذا كان ضدهم.
لن تقنع قطر أحداً بأنها دولة ثورية وهى التي عرفت ثراء نفطياً مؤكداً، ولكنها لم تعرف في تاريخها كله كلمة انتخاب، فالثورية تُفهم من عبدالناصر حين أمم قناة السويس عام 1956، ودفعت مصر ثمناً باهظاً لهذه الخطوة من أجل كرامتها واستقلالها، وتُفهم أيضا في إيران التي عرفت ثورة شعبية شارك فيها 6 ملايين مواطن وسقط فيها عشرات الآلاف من الضحايا، وفى فنزويلا الراحل شافيز الذي طبق اشتراكية ثورية وواجه أمريكا بحق، ولكن ليس هناك من هو مستعد أن يسمع أن قطر دولة ثورية، حتى لو رددت الجزيرة ذلك كل يوم.
إن قطر الثورية الإخوانية لم تحارب إسرائيل ولن تحاربها، ولن تدعم بالسلاح من يحاربها، إنما ستدعم بالمال والسلاح من يحارب الدولة في مصر وتونس، وستدعم الميليشيات التكفيرية في سوريا والعراق وليبيا.
لقد ذكر لى في إحدى المرات وزير خارجية إسبانيا السابق، الذي أقام فترة في قطر، أن أفضل فترات الاتحاد الأوروبى أداءً كانت حين تولت رئاسته دول صغيرة، وضرب مثلاً بهولندا وبلجيكا ولوكسمبورج. بشرط أن تعرف حجمك وحدود دورك، وهو ما لم تعه قطر وستدفع ثمنه آجلاً أم عاجلاً لأنها اختارت أن تحتفظ بصورة الدولة الكبرى لا مقوماتها.
ومن هنا حين جاءت المبادرة القطرية فقد اتضح منذ اللحظة الأولى أنه لم يكن هدفها وقف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، وإنما كان هناك هدف وحيد هو إضعاف الدور المصرى بنقل السيادة على معبر رفح إلى مراقبين دوليين، وضمان فتحه 24 ساعة بضمانة دولية، وهو أمر يطالب به الكثيرون في مصر، ولكن بسيادة مصرية كاملة على المعبر وبقرار مصرى مائة في المائة.
حالة قطر لن تستمر كثيراً، وسقوطها قادم لا محالة، فعلينا ألا نشغل بالنا بها كثيراً، فجرائمها في سوريا والعراق وليبيا ومصر وتونس ستدفع ثمنها غالياً، وبأسرع مما يتصور الكثيرون.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبادرة القطرية المبادرة القطرية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia