مصر واليونسكو

مصر واليونسكو

مصر واليونسكو

 تونس اليوم -

مصر واليونسكو

بقلم : مصطفي الفقي

إذا تأملنا المجموعات الثقافية فى العالم المعاصر فسوف نجد أن «مصر» تحتل موقع المركز منها، بلد حضارات وثقافات وديانات وتقاليد وقيم، لذلك كان من المفترض أن يأتيها منصب مدير عام اليونسكو يتهادى دون مجهود منها، ولكنها السياسات اللعينة والمنافسات الخبيثة والمفاجآت الشريرة، لقد كان د. «إسماعيل سراج الدين» يستحقها بجدارة، وكان الفنان «فاروق حسنى» يستحقها بلا منازع، وها هى د. «مشيرة خطاب» تستحقها أيضًا لا بانتمائها لـ«مصر» بوتقة الحضارات وسبيكة الثقافات، ولكن أيضًا لأنها صاحبة أفضل عرض- بين المرشحين والمرشحات- لأفكارها ورؤيتها حتى وصفه خصومها بأنه كان عرضًا رائعًا شد إليها الانتباه ووضعها فى المقدمة، ود. «مشيرة خطاب» لمن لا يعرفها- وأنا زميل دراسة لها فى كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة- إنسانة دؤوبة ولديها عزم قوى وإرادة صلبة.

لذلك كانت طالبة متفوقة حتى أصبحت سفيرة متميزة ثم أضحت وزيرة ناجحة، فهى تستحق المنصب، خصوصًا أنه منصب تعليمى تثقيفى تربوى حضارى، و«مصر» لديها ذخيرة من المرشحين والمرشحات، وقد اخترنا واحدة من أفضلهم، وقد اقتربت لحظة الحسم ونأمل أن تنال «مصر» المنصب على يدى هذه السيدة المعروفة بنشاطها وخبرتها وكفاءتها، ولاشك أن المجتمع الدولى سوف ينتصر للثقافة على المال لأن الذين يملكون وفرة منه يفتقرون فى ذات الوقت إلى عمق الثقافة وتراكم التراث، لذلك فإننى كنت أتمنى أن يكون الاختيار مُنصبًا على تقييم الدولة ومرشحها فى آن واحد ومصر بذلك المعيار تبدو هى الأجدر بمنصب مدير عام اليونسكو، ولقد فاجأتنا فرنسا وتحديدًا الرئيس السابق (أولاند) بترشيح وزيرة الثقافة الفرنسية للمنصب، مكافأة لها، بعد أن وعد الفرنسيون بألا يفعلوا ذلك لأنه من غير المستحب أن يكون المدير العام لمنظمة أو الأمين العام لمؤسسة دولية من أبناء دولة المقر، هكذا هى الأمم المتحدة كمثال، ولم يخرج على ذلك التقليد إلا جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، ولكن الفرنسيين أرادوا أن يستحوذوا على المنصب، بدعوى أن هناك انقسامًا عربيًا حول المنصب بمرشحين ومرشحات من مصر وقطر ولبنان والعراق- انسحب مرشحها مؤخرًا لصالح المرشحة المصرية- كما أن الحجة الثانية التى دفع بها الفرنسيون هى دخول مرشح صينى يعمل داخل اليونسكو، وهم لا يرحبون بسيطرة الصين على المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة، وفى كل الأحوال فقد كان القرار الفرنسى خبيثًا بتقديم مرشحة فرنسية الجنسية يهودية الديانة مغربية الأصل، وكأنما أرادوا أن يغلقوا كل النوافذ أمام أى مرشح آخر، ورغم ذلك صمدت المرشحة المصرية فى صلابة وطنية وعناد قومى وفرضت نفسها على الساحة بقوة، ونالت إعجاب الكثيرين بما فى ذلك قطاع من المثقفين الفرنسيين أنفسهم، ولكن الذى يدعو للسخرية فى معارك انتخابات اليونسكو عمومًا أن العرب لا يجمعون على كلمة ولا يتفقون على مرشح، وأتذكر أن صديقى العزيز د. غسان سلامة، وزير ثقافة لبنان الأسبق، والمفكر والمثقف المعروف، والأستاذ فى جامعة باريس.

قد قال لى عندما التقيته فى معرض الكتاب بالشارقة العام الماضى: لو اتفق العرب على مرشح واحد فإن فرصتهم فى كسب المنصب هذه المرة كبيرة، ولكننا- كعادة العرب- لا نتفق ولكن نختلف دائمًا وتغلب لدينا الروح المحلية على الشعور القومى، ويجب أن أعترف هنا بأن الدولة المصرية بدءًا من رئيسها ورئيس وزرائها ووزير خارجيتها، قد وضعوا كل جهدهم فى خدمة المرشحة المصرية إيمانًا بأحقيتها واعترافًا بمكانتها وتجسيدًا للشعور العام لدى الشعب المصرى فى ضرورة الوصول إلى هذا المنصب الدولى الكبير، كما أن د. «مشيرة خطاب» من جانبها قد جابت العالم من أقصاه إلى أقصاه بدءًا من شرق آسيا إلى أمريكا اللاتينية مرورًا بدول القارة الأفريقية وصولًا إلى دول الشمال المعنية.

وقد اتصلت بها ذات مرة فردت علىّ من «كاتمندو» عاصمة «نيبال»، وبعدها بأيام قليلة ردت على مكالمتى من «سنتياجو» عاصمة «تشيلى»! وأنا ممن يؤمنون بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، وهى قد بذلت الجهد كل الجهد، واستخدمت كل الوسائل المشروعة للوصول إلى المنصب مدعومة بوطن ليس ككل الأوطان، ودولة يوجد فيها أثر تحت كل حجر، لذلك كان الأثرى الكبير د. «زاهى حواس» داعمًا لها فى كتيبة كبيرة، قادها وزير الخارجية الأسبق «محمد العرابى» وباركها ودعمها بشدة وزير الخارجية الحالى «سامح شكرى»، فإن حصلت د. «مشيرة خطاب» على المنصب فهنيئًا لـ«مصر» وإن لم يحالفها الحظ فإننى أقول إن الانتخابات لا تختار دائمًا الأفضل ولكنها تخضع لتربيطات وأموال بل واتصالات تحتية وألاعيب غير مرئية!.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر واليونسكو مصر واليونسكو



GMT 06:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

يوم الدجاج المتعفن…يا رب رحمتك

GMT 06:47 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني ـ بنس وصندوق البريد اللبناني

GMT 06:45 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تكشف عن طموحات قيادية

GMT 06:40 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني يكشف وجهه…

GMT 06:38 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الى شعراء الأمة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia