لماذا يفشل «الإسلام السياسي»

لماذا يفشل «الإسلام السياسي»؟

لماذا يفشل «الإسلام السياسي»؟

 تونس اليوم -

لماذا يفشل «الإسلام السياسي»

عمار علي حسن

من يطالع كتاب «السراب» للدكتور جمال سند السويدى، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، يقف على الأسباب التى تقود بالضرورة إلى فشل الجماعات الدينية السياسية فى التقدم إلى الأمام نحو تحقيق مقاصدها أو باتجاه تحقيق أهداف المجتمع وغاياته. الكتاب فيه استفاضة فى سرد تاريخ وأفكار وممارسات «الإخوان» و«السلفيين» و«السروريين» ومختلف التنظيمات «الجهادية» إلى جانب علاقة الصراع بين الدين والسياسة وخرافات ما يسمى «الإسلام السياسى» واتجاهات الرأى العام حول الجماعات السياسية ذات الإسناد الدينى، وقراءته فى إمعان تبين لماذا اختار المؤلف هذا العنوان ليعبر عن حال هذه الجماعات ومآلها. ويمكن توضيح هذا على النحو التالى:

1- فساد منشأ هذه الجماعات، فأصل الفكرة خاطئ، أو فاسد، ألا وهو تحويل الإسلام كدين إلى أيديولوجيا بائسة. وفى هذا، من دون شك، انحراف بالدين عن رسالته الأساسية التى ترمى إلى تحقيق الامتلاء الروحى، والسمو الأخلاقى، والخيرية بما تنطوى عليه من تراحم وتكافل وبذل وعطاء.

2- ينهزم أصحاب التفكير المفضى إلى العنف دوماً بعد ما يخلفه من دم ودمار، وتلك هى حكمة التاريخ، وفى تاريخ المسلمين كانت حركتا «الزنج» و«القرامطة» على الأقل فى البداية حركتين شعبيتين سعَتا إلى رفع الظلم وإقامة العدل، وما عداهما كانت كلها أو جلها محاولات مفضوحة لتوظيف الدين فى تبرير العنف ضد السلطة والمجتمع، الأمر الذى أدى إلى هزيمتها واندحارها. وبعض هذه الجماعات والتنظيمات والحركات لم يبقَ منها شىء، ولم يعد أحد يأتى على ذكرها إلا من قبيل سرد وقائع تاريخية بأقلام الدارسين والباحثين.

3- يقدم أتباع الجماعات الدينية السياسية وعوداً تنتهى إلى لا شىء، ولا تفارق مرحلة رفع الشعارات العامة التى لا تجد ترجمة صحيحة ودقيقة وتفصيلية فى أرض الواقع. وفى الزمن الحديث والمعاصر، رفعت جماعة الإخوان، على سبيل المثال، شعارات مثل: «الإسلام هو الحل» و«نحمل الخير لكل الناس» ثم «نحمل الخير لمصر» و«مشروع النهضة»، لكن حين وصلت إلى الحكم وجد الناس هوة شاسعة بين الفكر والفعل، والخطاب والممارسة، والأقوال والأفعال.

4- يقوم مسلك هذه الجماعات على فكرة خداع الناس، واستغلال مشاعرهم الدينية، لا سيما أن القائمين على هذه الجماعات يدركون أنهم ينفذون خطة خداعية طويلة المدى، يتحدثون عن تفاصيلها فى غرفهم المغلقة، فإن خرجوا إلى الناس بدّلوا وجوههم وألسنتهم، وأظهروا غير ما يبطنون.

5- تفشل هذه الجماعات فشلاً ذريعاً فى تقديم نموذج يستحق الاحترام والتقدير، فأينما حكمت جماعات «الإسلام السياسى» بلداً حلّ به دمار وخراب، إما لممارسة هذه الجماعات القهر ضد المجتمع، سواء من خلال استخدام مؤسسات الدولة التى تملك مشروعية العنف، أو عبر ميليشيات مسلحة وشبه مسلحة تكوّنها قيادات هذه الجماعات الحاكمة.

6- يبدو مسار الجماعات الدينية السياسية براقاً فى ظاهره أما باطنه فمعتم أو مظلم. ويتمثل البريق فى زعم أنها جماعات ربانية تمثل «جيل النصر المنشود» أو تحاول أن تستعيد تجربة «الجيل الفريد» فى صدر الإسلام، وتستعين على صناعة هذه الصورة بتوظيف النصين القرآنى والنبوى بإفراط شديد، وكذلك تقديم حلول نظرية سهلة للمشكلات الحياتية التى تواجه الناس، البسيط منها والمعقد. أما الباطن فهو بوضوح أن هذه الجماعات صاحبة مشروع سياسى فى الأصل وما الدين إلا قشرة أو طلاء، ولذا ما إن توضع مقولاتها وتصرفاتها موضع اختبار إلا وسقط الطلاء، وبان الجوهر على قبحه وماديته ودنيويته، فاكتشف الناس زيفه فنبذوه وهجروه.

7- يخاصم مشروع الجماعات الدينية السياسية حركة التاريخ، أو يسير عكس اتجاهه، فالعالم يتجه فى ممارسة السياسة إلى الوطنية والسلمية والعلنية والمشروعية والمدنية بما يجعل الشعب مصدر السيادة والسلطات، بينما يقوم مشروع هذه الجماعات على الأممية ومحاولة إعادة زمن الإمبراطوريات الذى فارقه العالم حين دخل إلى عصر الدولة القومية، ويميل إلى العنف فى ممارساته بشتى ألوانه الرمزية واللفظية والمادية، ويفضل العمل تحت الأرض فى سرية ألفها واعتاد عليها، ويرفض المشروعية والشرعية، حيث يرى فى القوانين المطبقة قوانين وضعية ويدعو إلى استبدالها بما يراها القوانين الشرعية، كما يرفض الانضواء تحت سلطان الدولة الوطنية الحديثة. وبالطبع فإن هذه الجماعات تحاول إعادة زمن «الدولة الدينية» عبر ما تسمى «الحاكمية»، مهما زعمت عكس ذلك، فى إطار خداعها للجميع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يفشل «الإسلام السياسي» لماذا يفشل «الإسلام السياسي»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia