رواية «أجراس الخوف» 12

رواية «أجراس الخوف» (1-2)

رواية «أجراس الخوف» (1-2)

 تونس اليوم -

رواية «أجراس الخوف» 12

عمار علي حسن

تساوق الكاتب المغربى «هشام مشبال» مع عبارة شائعة وذائعة هى «أجراس الخوف» وقطفها واتخذها عنواناً لروايته التى صدرت العام المنصرم، لكن أبطال روايته وأحداثها وعمقها ولغتها الفياضة وسياقها الواسع والرؤى التى تنطوى عليها أعطت العنوان دلالات أبعد من تلك التى اعتدنا استبطانها والتفكير فيها كلما اقتحمت آذاننا هذه العبارة التى لا تشى بالاستسلام للمخاوف بقدر ما تنبهنا لها، حتى يكون بوسعنا أن نتفاداها أو نقتلها. تنقسم الرواية الصادرة عن «منشورات الاختلاف ودار الأمان وضفاف بيروت»، التى تقع فى 205 صفحات من القطع فوق المتوسط، إلى ثلاثة فصول كتابية تتوزع على ثلاثة فصول ميقاتية هى «الخريف» و«الشتاء» و«الربيع»، ليوظف المعانى الكامنة وراء هذه المواقيت وكل ما أخذته من حمولات ثقافية ومعرفية عبر الزمن فى تحديد مصائر شخصيات روايته، وهى متنوعة فى مشاربها واتجاهاتها وانتماءاتها أو تحيزاتها، تجد نفسها فى أتون صراعات حادة، بفعل ظروف صعبة وواقع مقبض، يورثها إحباطات مقيمة، ويوقعها فى انكسارات متلاحقة.

تحفل الرواية بأبطال حالمين، يتوقون إلى العدل والسلام والبهجة والامتلاء الروحى، لكنهم يحصدون خيبات مستمرة، ويعيشون فى ظلمة الأحلام المجهضة، وسط عالم مقبض ينهل منه «مشبال» بانتظام، وينسج خيوط سرده العامر بالتصورات والرؤى الإنسانية والاجتماعية، فروايته السابقة «الطائر الحر»، التى حصلت على الجائزة الأولى للقناة الثانية فى المغرب، رسمت ملامح المأساة التى يمر بها جيل يكاد القنوط يقتله، عبر التقاط أول حالة لهذا الجيل متمثلة فى «يوسف» الذى تخطفه الأحلام إلى آفاق بعيدة لكن الواقع البائس يعيده صاغراً إلى ما كان عليه لا يبرحه ولا يفارقه، إلا بالدوران حول الذات، وهى مأساة عاشها أيضاً جيل الآباء، الذى سرقته سنوات الانتظار.

وأشد مظاهر الخوف فى رواية «أجراس الخوف» تجسدها حالة بطلتها «لبنى» الطالبة النجيبة، التى جاءت إلى المدينة من البادية، فاتحة ذراعيها للعلم، وممتلئة برغبة جارفة فى ترقية عقلها ووجدانها ومعاشها، متوسلة بالتعليم ليحركها إلى الأمام، وبالنضال السياسى ليأخذ مجتمعها كله خطوات نحو التقدم. وتتمكن «لبنى» بروحها الوثابة المؤمنة بالتغيير من إقناع «عاطف» بأن يشاركها الحلم بعد أن كان يؤثر الابتعاد عن ممارسة السياسة ومشاركة المجتمع همومه طلباً للسلامة، أو خوفاً من العقاب.

لكن أحلامها لم تلبث أن تذهب سدى متحطمة على صخرة واقع تحركه قوى غاشمة عمياء، تقصدها بسوء، فتتعرض للاغتصاب، وقبله تفقد يقينها فى إمكانية التغيير. واغتصابها، الذى يبدو معادلاً موضوعياً للقهر والانتهاك الذى يتعرض له المجتمع برمته، يورثها اكتئاباً حاداً، يجبرها على أن تتجرد من أحلامها، وتقلع عن آمالها، وترتضى بالاختباء داخل نفسها بين جدران غرفة مقبضة، حتى تؤذن ساعة رحيلها، ومعها يفقد «عاطف»، الذى ارتكب جريمة اغتصابها، الثقة فى إمكانية تبدل الأحوال البائسة، بعد أن فقد الثقة فى إنسانيته، وفهم أن خطف الأفراح من قلب فتاة حلمت معه بالأفضل.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية «أجراس الخوف» 12 رواية «أجراس الخوف» 12



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia