حديث عن «السيسي» على المقهى

حديث عن «السيسي» على المقهى

حديث عن «السيسي» على المقهى

 تونس اليوم -

حديث عن «السيسي» على المقهى

عمار علي حسن

منذ قرار إلغاء الدعم عن الوقود ورفع أسعار بعض السلع، ولا حديث لرواد المقهى الذى أجلس عليه سوى هذا الموضوع، فكل ليلة يمطروننى بأسئلة، ويشركوننى فى ألمهم الحاد، ويقدمون اقتراحات عديدة، من كلٍّ على قدر فهمه وإخلاصه، لتبقى الخلاصة هى: «الناس فى أفواهها ماء، ولولا تقديرهم للظروف التى تمر بها البلاد لنزلوا إلى الشوارع غاضبين، لكن صمتهم وصبرهم الجميل لا يعنى الرضا أبداً، ولا يجب الهروب من الحقيقة التى باتت جلية الآن وهى أن رصيد الثقة فى السلطة، رئيساً وحكومة، وكل من حولهما، بات على المحك، إن لم يكن قد أخذ طريقه إلى التراجع فعلاً، بفعل فئران كثيرة راحت تلعب فى كل الصدور». هم خليط من البشر، موظفون وعمال وطلبة وعاطلون، وبذا يشكّلون عينة جيدة لمعرفة رأى الناس فى هذا القرار، والحق يقال إن مثل هذه العينات طالما استفدت منها كباحث، وتيقنت من أنها صالحة لقياس موقف الشارع من أداء أهل الحكم، وكثيراً ما صدقت معى مرات عديدة.
لقد أنصتُّ جيداً إلى توجعاتهم، ووعيت تماماً ما أبدوه من آراء، كلها تنم عن إخلاصهم لبلدهم، ووجدت نفسى متحملاً مسئولية أن أفتح نافذة لكى يصل صوتهم إلى كل صاحب عقل فهيم من صانعى القرار ومتخذيه، لا سيما بعد أن قال لى أحدهم: «نحن دوماً نرى قلمك هو صوت الناس، فوصله لمن يهمه الأمر». وفى أمانة شديدة، تراوح موقف هؤلاء بين اللوم والعتاب وأبدوا درجات متتابعة من الغضب، فهناك من وصفوا القرار بأنه متسرّع، وكان يجب أن تسبقه خطوات تمهيدية حتى يمكن للناس أن تقتنع به وتبتلعه، منها: أن يصدر قرار بإنهاء مهام جيش المستشارين الذين لا عمل حقيقياً لأغلبهم ويتقاضون أموالاً طائلة، وأن يتم البدء فى التعامل مع الأموال الموجودة فى الصناديق الخاصة، التى يقدرها خبراء بعشرات المليارات، وأن يتم فرض ضرائب مناسبة على أصحاب المهن الحرة، لا سيما الأطباء أصحاب العيادات والمستشفيات الخاصة، وأن يبدأ القرار بالطبقات الأكثر ثراءً، ثم يهبط منها إلى شرائح الطبقة الوسطى بالتدريج.
وقبل كل هذا أن تتخذ الحكومة من الإجراءات التى تخفّف عبء القرار على الطبقة الفقيرة، التى سيجعلها فساد أجهزة الدولة ومؤسساتها ووضع الأسواق وآلياتها تدفع الغرم الأكبر جراء هذا القرار، ومن بين هذه الإجراءات دخول الدولة بثقلها فى عملية توزيع السلع على المواطنين عبر منافذ تكفيهم بما لا يتركهم فريسة للتجار الجشعين وذوى الاحتكارات البشعين، وضبط الأسواق فى صرامة، وتنظيم عملية النقل، بما لا يترك الناس عرضة لاستغلال أصحاب سيارات الأجرة، وأن يتم التشديد على بعض رجال الشرطة الفاسدين الذين يتواطأون معهم على حساب المواطنين.
كما يطالب الناسُ السلطةَ بأن تحترم عقولهم ولا تتصرف طيلة الوقت على أنها تفهم الصالح العام أكثر منهم أو أنهم قد منحوها صكاً على بياض لتفعل بهم ما تشاء، وأن تشركهم فى صناعة القرار قبل اتخاذه من خلال إجراء حوار جاد حوله، أو طرح المعلومات كاملة أمامهم فى شفافية تامة، بدلاً من إدارة الدولة بعقلية مخابراتية لا تقدر موجبات السياسة وفروضها.
لقد كتبت من قبل، وقلت كثيراً فى البرامج الفضائية، إن الثقة فى أى حاكم، مهما كان مستوى الحجج والذرائع التى يقدمها، تتوقف على احترامه لعقول الناس، وعدم التعالى عليهم، وتطابق أفعاله مع أقواله، فضلاً عن شعور الشعب بأن العربة تندفع إلى الأمام حتى لو بخطوات وئيدة. وقد لخّص أحدهم هذا بقوله: «إذا كان السيسى يعتبرنا شركاءه كما يقول، فلماذا يفاجئنا بقراراته».

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث عن «السيسي» على المقهى حديث عن «السيسي» على المقهى



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia