الوعى بالمستقبل

الوعى بالمستقبل

الوعى بالمستقبل

 تونس اليوم -

الوعى بالمستقبل

عمار علي حسن

تعد «جمعية مستقبل العالم» واحدة من أهم رواد المستقبليات، وهى تجمع علمى وتربوى غير حزبى غير هادف للربح، يضم خمسة وعشرين ألفاً من المهتمين بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية التى تؤثر على المستقبل. وتتخذ الجمعية، التى تأسست عام 1966، من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً لها، ويتوزع أعضاؤها على عدد من أقطار العالم، وتقوم بإصدار عدد من المجلات والدوريات العلمية، علاوة على نشرة إخبارية على شبكة الإنترنت، وتعقد مؤتمرات فى مختلف الموضوعات التى تناقش المستقبل.

ويمكن هنا أن نشير إلى المؤتمر الذى عقدته الجمعية فى سنة 2005 بمدينة شيكاغو بالولايات المتحدة شارك فيه ستة وثلاثون باحثاً ينتمون إلى 8 بلدان، وتم نشر فعالياته فى كتاب سينثيا ج. واجنر «الاستشراف والابتكار والاستراتيجية»، الذى ترجمته صباح صديق الدملوجى، ونشرته المنظمة العربية للترجمة. وعرض الكتاب منظوراً شاملاً للاتجاهات حول التجديد والأثر، من العام إلى الخاص، بما فى ذلك بحوث عن الهندسة الجينية والطب النانوى. والثانى دار حول العلم والروح والجسد والعقل، حيث تتبع الأفكار حول دورى العلم والدين فى التاريخ الإنسانى، وتأثيرهما على مستقبل البشر. والثالث يستقصى القضايا العالمية، مثل: استخدام الموارد وإهدارها، وسبل الوصول إلى التنمية المستدامة. والرابع يتطرق إلى الابتكارات والاستراتيجيات التى تطبقها المنظمات والشركات التجارية والحكومات. أما القسم الخامس فيعرض أفكاراً جديدة ترمى إلى تقدم البحوث المستقبلية، والطرق التى يعمل بها الباحثون فى مجال المستقبليات، والسادس يعرض دراسات حالة فى المستقبليات، ليصور تطبيقات عملية لتوظيف الاستبصار فى وضع حلول لمشكلات معينة. والسابع عن التعلم لعالم الغد، الذى لا يقتصر على تناول مسألة وضع التفكير فى المستقبل ضمن برامج التربية والتدريب، وأخيراً الثامن يبرز الدروس المستفادة من الماضى، والقيم والأفكار التى يصنعها الذين سبقونا، وكيف يمكن أن ترشدنا إلى مستقبل أكثر حكمة.

ولعل قضية الوعى بالمستقبل هى من أهم القضايا التى تتبناها هذه الجمعية، ويعرف توم لومباردو، أستاذ علم النفس والفلسفة والدراسات المتكاملة فى كلية ريو سالدو بولاية أريزونا الوعى بالمستقبل بأنه «المجموعة الكلية المتكاملة من القابليات والعمليات والخبرات النفسية التى يستخدمها الفرد فى تفهم المستقبل والتعامل معه، وهو يشمل أبعاداً عاطفية وتحفيزية وذات علاقة بالموقف وبالشخصية، ويتضمن الاستشراف ووضع الأهداف والتخطيط والتفكير النقدى وصنع القرار وحل المشكلات والأخلاقيات وفضائل الشخصية.. وسواء كان المرء مثالياً أو واقعياً، متسامياً أو براجماتياً، كونياً أو متمركزاً ذاتياً فى الموقف والميل، فإن الوعى بالمستقبل يزود الدماغ الإنسانى بالطاقة، ويغنيه ويفيده».

ويقوم الوعى بالمستقبل على أبعاد معرفية مهمة، منها: التخيل، حيث القدرة على خلق تخيلات ووقائع افتراضية فى أذهاننا، والاستشراف، بمعنى القدرة على تصور أو تخيل ما سيأتى، وتحديد الأهداف، وذلك بعد تشخيص العمل الذى نحن بصدده، وتعيين رغباتنا حياله، والتفكير بالإمكانيات، ويعنى تصور أنواع متعددة تشكل بدائل واضحة المعالم من الواقع الافتراضى المستقبلى، ثم بناء السيناريوهات، بفعل القدرة على تخيل ووصف تفاصيل معقدة وواقعية لأنواع من هذا الواقع الافتراضى المستقبلى.

ويرتبط الوعى بالمستقبل بالتفكير الأخلاقى، أى النزعة إلى تحسين شروط الحياة، وتقدم الإنسان إلى الأمام، وهذا مناط أخلاقية هذا النوع من الوعى. ونمو الوعى بالمستقبل لا يمكن الفرد من إعادة التفكير فى عدد من المسائل الفلسفية التقليدية فحسب، بل إنه يتحدى ذكاءنا ويوسع إدراكنا ومخيلتنا، ويساعدنا على «التفكير الممكن»، بما يؤدى إلى تمديد وتوسيع عالم الأفكار والحقائق، ويعزز تطوير العمليات الإدراكية العليا، وفى كل هذا ما يعزز الخيال بصفة عامة، والخيال السياسى بصفة خاصة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوعى بالمستقبل الوعى بالمستقبل



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia