التجارب الناجحة 2  2

التجارب الناجحة (2 - 2)

التجارب الناجحة (2 - 2)

 تونس اليوم -

التجارب الناجحة 2  2

عمار علي حسن

أنهيت القسم الأول من هذا المقال بسؤال: ما الذى يقدمه استعراض التجارب الناجحة لحفز الخيال السياسى العلمى؟.. إن الإجابة عن هذا السؤال لا تبدو يسيرة، فكثير من أولئك الذين آمنوا بضرورة استعراض التجارب الناجحة سيطرت عليهم النزعة إلى تقليدها أكثر من مفارقتها إلى ما هو أبعد منها بكثير. وقد حدث هذا بشكل أوسع وأعمق مع نقل تجارب تنموية، بعضها سبقته رؤى نظرية متكاملة، وشبه متكاملة، جعلته يشكل نموذجاً يمكن استعارته، كما وضعه أصحابه دون تغيير أو تبديل.

لكن هذه الاستعارة أو النقل التام، الذى قد لا يراعى فى كثير من الأحيان اختلاف العوائد، التى تشمل الإمكانات المتاحة وطبائع البشر واحتياجاتهم ومعطيات الجغرافيا، ليس هو المطلوب فى صناعة خيال سياسى خلاق، إنما شىء آخر تماماً، قد يجعل التجارب الناجحة تؤدى وظائف أساسية فى إفادة الخيال، وذلك على النحو التالى:

1 - استعراض التجارب الناجحة هو مجرد أرضية للانطلاق، وليس نهاية للمطاف، أو مجرد بحث عن شىء يمكن تكراره أو تدويره أو استعماله طلاءً أو زينة فى عملية دعاية سياسية لحساب سلطة أو معارضة.

2 - فى التجارب الناجحة هناك دوماً، رغم النجاح، أشياء ناقصة إن تممناها فإن النجاح سيتسع، وعلينا أن نفكر فى كيفية إتمامها، بوسائل مبدعة.

3 - التجربة الناجحة لليوم قد لا تحتفظ بنجاحها إلى الغد نظراً لتغيّر الظروف الطبيعية والبشرية، وبالتالى من الضرورى إعادة تقييم وتعريف النجاح وفق الظرف المستجد.

4 - التجارب الناجحة ليست تجاربنا، إنما هى تجارب آخرين، كانت لديهم أهداف وغايات، بعضها قد يتطابق مع ما نريده، لكن هناك ما لا نريده، إما لأنه زائد على حاجتنا، أو ناقص عنها، أو لأن لدينا أهدافاً مختلفة نسبياً، تتطلب أن نفكر بطرق مغايرة فى سبيل تحصيل النجاح.

5 - التجارب الناجحة قد تُرضى طموح أصحابها فى اللحظة التى ينجزونها فيها، لكنهم يجب ألا يتوقفوا عند هذا الحد من الطموح، وعليهم بالضرورة ألا يتوقفوا أبداً، بل عليهم أن يذهبوا بطموحهم إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.

وفى السياسة يُطرح السؤال: ما الأطراف المنوط بها أن تطلق الخيال فى سبيل الاستفادة من التجارب الناجحة؟

إن الأذهان تنصرف دوماً إلى السلطة الحاكمة فى حال تحديد الطرف الذى عليه أن يُعمل خياله السياسى بعد امتلاكه، لكن فى الحقيقة هناك أطراف أخرى مستدعاة لهذه المهمة، من بينها الأحزاب السياسية المعارضة، والحركات الاجتماعية والسياسية الفاعلة، وقوى المجتمع المدنى، بل بعض الأفراد من الشخصيات العامة الذين يلعبون دوراً بارزاً فى توجيه الرأى العام، أو إيصال أفكار ومعانٍ إلى من بأيديهم مقاليد الأمور.

وهناك حالتان قائمتان بين هذه الأطراف جميعاً، إحداهما إيجابية، والأخرى سلبية، يمكن توضيحهما على النحو التالى:

أ - الإيجابية: حين تكون القنوات بين هذه الأطراف أو القوى السياسية مفتوحة، تجعل ناتج الخطاب والإرادة ينساب بينها بلا عقبات أو عراقيل، ومن ثم تتعاظم الاستفادة، بتعزُّز العناصر التى تدفع الخيال السياسى قدماً، وتضعه فى الوقت نفسه على طريق العلم، فتحميه من السقوط فى الأوهام والوساوس القهرية، أو أحلام اليقظة والتفكير بالتمنى.

ب - السلبية: التى تكون فيها هذه القنوات مسدودة، الأمر الذى يجعل طاقة التفكير الخلاق تتناطح بدلاً من أن تتفاعل وتتكامل، وبالتالى تفقد الجزء الأكبر من فاعليتها فى الصراع، وكلما طال أمد هذا الصراع أو انفتح بلا حد، أو تغلبت عليه المنافع الذاتية والانتهازية، فإن معدل تراجع الاستفادة من التجارب الناجحة فى التخيُّل السياسى العلمى سيتدهور بشكل ملموس.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجارب الناجحة 2  2 التجارب الناجحة 2  2



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia