التجارب الناجحة 12

التجارب الناجحة (1-2)

التجارب الناجحة (1-2)

 تونس اليوم -

التجارب الناجحة 12

عمار علي حسن

لا يريد الذين يطلقون خيالهم السياسى أن يصلوا إلى طرق مسدودة، فيقعدون ملومين محسورين، أو يخفقون فى تحقيق أهدافهم التى يصبون إليها، إنما هم بالطبع يوظفون قدرتهم على التخيل فى الانطلاق إلى الأمام.

ويكون هذا الانطلاق أسرع نسبياً إن راكم هؤلاء على ما سبقهم إليه غيرهم، فالبدء من نقطة الصفر يضيع وقتاً وجهداً كبيراً. وقطعاً لن يراكم الراغبون فى صناعة مستقبل أفضل على أطلال أو حطام إنما على أبنية متينة، خلقتها تجارب ناجحة.

وقليلاً ما نجد فى حياتنا السياسية فى العالم العربى مسعى للاستفادة العميقة مما عركه الآخرون، وخرجوا منه مظفرين، سواء الذين سبقونا على أرضنا فى تواريخ مضت، أو التجارب الدولية. وهذه آفة لا تقتصر على السلطة فحسب، بل إن مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية تعانى من الداء نفسه، فيبدأ الكل وكأن أحداً لم يفكر قبلهم فى المشكلات التى تعترض سبيلهم، ويقطع شوطاً على طريق حلها.

وحين أخذ بعض المفكرين العرب على محمل الجد إشارات السلطات إلى إمكانية الإصلاح فى مطلع الألفية الثالثة حاولوا فى رحاب مكتبة الإسكندرية خلال «المؤتمر الثانى للإصلاح» دراسة التجارب الناجحة فى قضايا عمالة الشباب، وتمكين المرأة، والتعليم، والبيئة والمياه، والتكافل الاجتماعى، وحقوق الإنسان، والتنمية الشاملة والمستدامة، والصحة، والسلام، والمشاركة السياسية، والثقافة والفنون، والبرامج المتخصصة والقروض الصغيرة.

وقدمت وقتها مختلف الفعاليات التى شاركت فى المؤتمر أوراقاً تشرح هذه التجارب باستفاضة، ونُشرت فى كتاب حرره د.صلاح فضل ود. محسن يوسف وقدم له د.إسماعيل سراج الدين قائلاً:

«إذا كان الطابع الأساسى للمعرفة اليوم هو التراكم المولد لطاقة الإبداع، فإن الأحداث الفكرية والثقافية تكتسب أهميتها من قدرتها على تشكيل ذاكرة موضوعية، تختزن التجارب الفعالة، وتستخلص مقوماتها وعصارة الخبرة الناجمة عنها، لا من قبيل التوثيق فحسب، مع أنه هدف عزيز فى حد ذاته، ولكن على سبيل حفز الإرادة الجماعية على مواصلة الجهد، لتحقيق الغايات النبيلة الكبرى، انطلاقاً من تصعيد الخطوات السابقة وإدراجها فى منظومة تتحرك فى سبيل الإنجازات المقبلة».

وشرح سراج الدين الأسباب التى حدت بالمشاركين فى المؤتمر إلى التفكير فى هذا الاتجاه فقال: «كانت الفكرة الجوهرية الكامنة حول مفهوم التجارب الناجحة أن النجاح ينتشر بالعدوى، مثلما يتحسن السلوك بالقدوة والمثل العليا، وكذلك من الإيمان العميق بأن المستقبل الأجمل لأمتنا العربية لن يتحقق إلا باستثمار كل الطاقات الخلاقة والاجتهادات الأصيلة والعمل الدءوب، والنظر فى الإنجازات التى تدفع إلى إعادة النظر فى القضايا التى لا تزال قائمة، والعقبات التى لا تزال تعرقل المسار، وذلك من خلال النظر إلى المقترحات والإنجازات الناجحة التى يمكن أن تسهم فى تذليل العقبات، والانطلاق الخلاق صوب المستقبل الذى نحلم به لأمتنا العربية، وذلك انطلاقاً من أن حركات الإصلاح التاريخية التى غيرت مسارات الأمم فى مختلف المجتمعات، قد بدأتها دوائر صغيرة من المزودين بطاقة الإيمان بأهدافهم والإصرار على تنفيذها، وأنها سرعان ما اتسعت بالعزيمة والمثابرة والإخلاص».

لكن السلطة التى كانت تحكم مصر وقتها لم تتعامل مع هذه التجربة إلا على سبيل الزينة، وأوقفت الإصلاح على شتى المسارات، فجاء الانفجار فى ثورة 25 يناير.

والسؤال: كيف تعيننا دراسة التجارب الناجحة على بناء خيال سياسى علمى؟. الإجابة فى مقال الغد إن شاء الله تعالى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجارب الناجحة 12 التجارب الناجحة 12



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia