الاستغلال السياسي لـ«العناتيل»

الاستغلال السياسي لـ«العناتيل»

الاستغلال السياسي لـ«العناتيل»

 تونس اليوم -

الاستغلال السياسي لـ«العناتيل»

عمار علي حسن

لا يخلو مجتمع من متباهين بارتكاب الرذائل، بل هناك من لا يجد معنى لحياته خارج الفخر بالخطايا. وقد يكون هؤلاء أفرادا ضائعين لاهين، لا تعنيهم القضايا العامة، سياسية كانت أو اجتماعية، لكن هناك من يستغل سلوكهم المعوج، وتصرفهم الأخرق، ساحباً إياه إلى الصراع السياسى، كى يكسب نقاطاً ضد منافسيه أو مصارعيه، وتزيد جرعة الاستغلال تلك إن كنا على أبواب انتخابات، يرفع كثير من المتبارين فيها شعار: «كل شىء مباح فى الانتخابات والحرب». فحين ظهرت جريمة مدرب الكاراتيه من مدينة المحلة (دلتا النيل) متجسدة فى صور وقائع الجنس الحرام مع عدة نساء ليبتزهن وتسربت منه أو عليه إلى «الإنترنت» استغلت «جماعة الإخوان»، فى تصرف غير منطقى وغير أخلاقى، صورة للرجل وهو يرفع لافتة تأييد للرئيس عبدالفتاح السيسى قبل الانتخابات الرئاسية لإثبات أن كل مؤيدى السيسى من المنفلتين، عطفاً على مزاعم ساقها الإخوان ورددوها طويلاً بأن خروج المصريين فى 30 يونيو 2013 ضد حكم الجماعة كان خروجاً على الدين. وحين ظهرت مؤخراً واقعة مشابهة لرجل ملتحٍ بمحافظة الغربية (الدلتا أيضاً) قيل إنه عضو فى «حزب النور»، أو من مؤيديه، تم استغلال الواقعة سياسياً، بشكل مفرط، واستدعى البعض وقائع قديمة لنائب برلمانى من الحزب ضُبط فى وضع مخل مع فتاة فى سيارة على طريق القاهرة - الإسكندرية، ونائب آخر أجرى عملية تجميل ليقصر أنفه الطويل وكذب على الناس، مدعياً أنه أصيب فى حادث سرقة، لأن «جراحة التجميل حرام». هذا الاستدعاء رمى إلى تكريس صورة نمطية للسلفيين عموماً وأعضاء «النور» خصوصاً، قد تفيد فى النيل منهم خلال الانتخابات البرلمانية التى باتت على الأبواب.

ويمكن تفسير الاستغلال السياسى لواقعة «عنتيل النور»، حسب وصف البعض له، فى ضوء عدة أمور يمكن ذكرها على النحو التالى:

1- الكيد السياسى: فكما يستعمل أتباع الجماعات الدينية السياسية، أو التى تحول الإسلام إلى أيديولوجيا، ومنها حزب النور، أداتى «التكفير» و«التفسيق» فى مواجهة المنافسين لهم فى الساحة السياسية، يرد هؤلاء بأداتى «التجريس»، و«التشهير»، وهما فى كل الأحوال، رغم كونهما أمرين ممقوتين، أخف وطأة، وأقل تأثيراً، من رمى إنسان بالكفر أو الفسق، وما يرتبه ذلك عند المتطرفين من استباحة دمه، أو فى الحد الأدنى، تبرير النيل من حقوقه.

2- الدعاية السياسية: فالدعاية عمل معجون بالأكاذيب، قد يستغل جزءاً من الحقيقة أو ظلاً لها، ليضيف إليه اختلاقات عديدة، يمكن تحويرها لتأخذ سمتاً سياسياً يفيد فى الصراع أو التنافس الحاد. وهنا يستغل «منافسو النور» استهجان المجتمع لكبيرة الزنا فى تحصيل مقت سياسى للملتحين. وأحياناً تستغل مثل هذه الوقائع فى لفت انتباه الناس بعيداً عن قضايا حقيقية وحيوية، بل هناك من يترسخ فى يقينه أن أجهزة الأمن تحتفظ بملفات مثيرة فى الأدراج، ثم تخرجها فى أوقات معينة لإلهاء الشعب.

3- المفارقة: فكثير من أصحاب اللحى يتيهون على الناس بتدينهم، حتى لو كان فى حقيقته نوعاً من التشدد والتزمت والجمود، ويصدرون أنفسهم للناس باعتبارهم حراس الدين ورعاة الفضيلة، ولا يتركون فرصة للوعظ والنصح والإرشاد إلا وانتهزوها، حتى لو تدخلوا فى أدق تفاصيل حياة الناس، وأرادوا أن يكيفوها وفق تصوراتهم بدعوى أنها هى «صحيح الدين». وحين يسقط أحدهم فى الرذيلة يجدها الآخرون فرصة كى يقولوا لهم «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم».. «لا تنه عن فعل وتأتى مثله.. عار عليك إن فعلت عظيم».. «أنتم أولى بهذه النصائح». فلو أن شخصاً غير ملتح أو معروف عنه اقترافه الحرام وقع فى مثل هذه الواقعة ما لفت الانتباه على هذا النحو، فـ«بضدها تتميز الأشياء».

4- استمراء النميمة والشائعة: فالناس لديهم ميل غريزى أو فطرى أو طبيعى إلى تداول النميمة وترديد الشائعة، مع إضافة الكثير إليهما من المخيلات الخصبة كى تصبحا أكثر إثارة وجاذبية. ويزداد الأمر إثارة إن كان حول «التابوهات». وفى الواقعة الأخيرة توافر اثنان من هذه التابوهات «الدين»، و«الجنس». وهذا يسهل من دون شك استغلال قضية «العنتيل» تلك سياسياً، لا سيما أنها سوقت خطأ وزعماً كحالة لـ«الفحولة».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستغلال السياسي لـ«العناتيل» الاستغلال السياسي لـ«العناتيل»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia