الأدب والخيال والثورة 2  4

الأدب والخيال والثورة (2 - 4)

الأدب والخيال والثورة (2 - 4)

 تونس اليوم -

الأدب والخيال والثورة 2  4

عمار علي حسن

■ شجرة العابد.. ذلك العنوان -والمتن- الذى يدخلنا فى الصوفية مباشرة وأيضاً السرد الذى أحالنا للغرائبية.. فما هى شجرة العابد عند الدكتور عمار؟ وهل أزمة المصير أو الوجود الإنسانى التى كانت فرعاً بشجرة العابد قد وصلت ذروتها؟

«شجرة العابد» رواية تجرى وقائعها فى لحظة فارقة من الصراع بين الشرق والغرب فى أواخر القرن الخامس عشر وهو عصر المماليك، أما مكانها فيصل صعيد مصر وصحاريها بالقاهرة فى أيامها الزاهرة، لكنها ليست رواية تاريخية بحتة، رغم أننى استفدت فى صياغة الأجواء والأحوال ورسم ملامح الأماكن وطقوس الحياة من كتب التاريخ والاجتماع التى تناولت هذه الفترة. ومحرك أحداث الرواية طالب علم أزهرى كان يسعى فى شبابه إلى الثورة على السلطان المملوكى الجائر فانتهى إلى درب التصوف هارباً من العسس والسجن والتعذيب والشنق الذى كان مهدداً به بعد أن اختفى حين عجز أن يحقق للسلطان المستبد حلمه بالوصول إلى الشجرة التى كان يعتقد هذا السلطان أنها كنز ثمين. فى الرواية نقف بعناية على بعض ما تنطوى عليه الحياة من فلسفة عميقة، ويعرف بعض طرائق العيش وأشكال العمران وألوان الفنون والثقافة السائدة فى مصر المملوكية عند المسلمين والمسيحيين واليهود، من أهل الريف والحضر والبدو. ويعجز بطل الرواية «عاكف» عن الوصول إلى «الشجرة الغريبة المقدسة» بمساعدة جنية عشقته، وأخذته إلى عالم الجن، ويعجز السلطان الغشوم من الوصول إليها من خلال السحرة المهرة الذين استجلب بعضهم من بلاد المغرب، ويعجز كل من وصله نبأ الشجرة الغريبة من الوصول إليها بقدراته وحيله المباشرة وإمكاناته المستهلكة والتى يرضى منها بما هو متاح. لكن البطل يصل إلى الشجرة بعد أن انقطع للعبادة سنين لا عدد لها فى زاوية بناها إلى جانب أحد الأديرة فى صحراء مصر الشرقية، ولم يأخذ فيها معه سوى «المصحف الشريف» وكتاب «طوق الحمامة فى الألفة والآلاف» لابن حزم الأندلسى.

والشجرة فى الرواية يدركها كل طرف حسب معرفته وأهوائه، فهناك من يراها كنزاً، وهناك من يعتقد أنها ترياق، وبطلها وربما مؤلفها يراها الحقيقة الخالصة التى لن يصل إليها الإنسان إلا بالمجاهدة واكتشاف قدراته الجوانية الكامنة.

■ أيضاً بخصوص لغة شجرة العابد البديعة لماذا كانت إحالة النقاد دائما لحالة أدب أمريكا اللاتينية ونحن عندنا الأصل بألف ليلة وليلة مثلاً.. فكيف رأيت تلك الإحالات؟

ربما لأن أدباء أمريكا اللاتينية سبقونا فى كتابة «الواقعية السحرية» رغم أنها بضاعتنا بالأساس، ومع هذا رأى بعض كبار النقاد أن «شجرة العابد» تضاهى الآداب اللاتينية لكنها لا تنقل عنها، حسب تعبير د.صلاح فضل، أو أنها تشق مساراً مغايراً فى الرواية العربية، كما قال د.جابر عصفور، ولذا ركز كثيرون على الغرائبية والعجائبية فيها، التى كانت حاضرة لدرجة أن طالباً إيرانياً سجل أطروحة للماجستير عن «الواقعية السحرية فى رواية شجرة العابد»، فيما سجلت باحثة جزائرية دكتوراه عن «الخطاب الصوفى فى شجرة العابد» وللصوفية عجائبيتها ممثلة فى كرامات الأولياء.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأدب والخيال والثورة 2  4 الأدب والخيال والثورة 2  4



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia