أحلام «غاندى» 1  3

أحلام «غاندى» (1 - 3)

أحلام «غاندى» (1 - 3)

 تونس اليوم -

أحلام «غاندى» 1  3

عمار علي حسن

وهب المهاتما غاندى حياته لـ«الحقيقة» و«اللاعنف»، وطور تصورات عن «المقاومة السلبية» وضعها الأديب الروسى ليو تولستوى لتكون أكثر كفاية وكفاءة إلى ما سماها «الساتياجراها»، وهى أكبر حملة عصيان مدنى قومية فى التاريخ الإنسانى، وهى إن كانت بالأساس قد قامت ضد الاحتلال الإنجليزى للهند فإنها أثرت تأثيراً بالغاً، بعد رحيل «غاندى» عام 1948، فى حركات تحرير أخرى مثل «حركة الدفاع عن الحقوق المدنية الأمريكية» و«حركة تضامن البولندية» وثورة «سلطة الشعب» فى الفلبين التى أطاحت بالديكتاتور ماركوس.

فذلك الرجل المسالم البسيط استطاع أن يجمع الهند على كلمة واحدة رغم تعدد ثقافاتها واختلاف ملل أبنائها، بشكل يجعلها أقرب لكونها دولاً مختلفة لا دولة واحدة، فكانت مهمة توحيدها ضرباً من الخيال، ولم يكن هذا ممكناً لو كان «غاندى» نفسه يفتقد أو يفتقر إلى مثل هذا الخيال، وتلك البصيرة التى جعلته يواجه المستحيل، ففى «غمرة فشله الذريع، واستحالة اللجوء إلى أحد طلباً للمساعدة، كان مهيأً للتحول الداخلى فى رحلة طويلة لاكتشاف الذات، وقد وفر له الحظ خوض غمار هذا التحدى باقتدار».

وفى مذكراته يحكى «غاندى» نفسه واقعة جرت فى الطفولة تدل على ما سكن خياله فى سن مبكرة، وظل يؤثر فيه طيلة حياته، فيقول: «أذن لى أبى بمشاهدة مسرحية تؤديها إحدى الفرق، وقد سلبتنى لبى، فلم أمل أبداً من مشاهدتها.. ومن المؤكد أننى أديتها لنفسى عدداً لا حصر له من المرات، وقد كنت أسأل نفسى ليلاً ونهاراً: ولماذا لا نكون جميعاً صادقين مثل هاريش تشندرا؟ وكانت أفضل قيمة غرستها داخلى المسرحية هى التمسك بالحقيقة وخوض جميع المحن التى مر بها بطلها، لقد آمنت بالقصة تماماً، وغالباً ما كانت الفكرة ككل تدفعنى إلى البكاء، ويخبرنى عقلى بأن تشندرا لا يمكن أن يكون شخصية تاريخية، إلا أنه يمثل حقيقة حية».

وأحلام «غاندى» السياسية مرتبطة بالروحانية والسعى وراء الحقيقة، والإصرار عليها أياً كانت المتاعب، وهنا يقول فى مذكراته: «إن الهدف الذى أرغب فى تحقيقه، والذى كنت أسعى وأتوق إلى تحقيقه، على مدار هذه الثلاثين عاماً، هو إدراك الذات، فأرى الإله وجهاً لوجه، وأنال الخلاص، فأنا أحيا وأعمل لتحقيق ذلك الهدف، وكل ما أقول وأكتب، وكل المغامرات التى أقدمت عليها فى مجال السياسة موجهة لتحقيق نفس الغاية، لكن انطلاقاً من إيمانى بأن ما ينطبق على الفرد يمكن أن ينطبق على الجميع. لم أقم بتجاربى سراً، وإنما علانية، ولا أعتقد أن تلك الحقيقة تحط من قيمتها الروحانية، فهناك بعض الأمور بين العبد وخالقه لا يعلمها سواهما، وتلك الأمور لا يمكن البوح بها، أما الخبرات التى أعتزم روايتها فلا تتعلق بمثل هذه الأمور، إنها خبرات روحانية، أو دعنا نقول أخلاقية، فالمبادئ الأخلاقية جوهر الدين».

(نكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحلام «غاندى» 1  3 أحلام «غاندى» 1  3



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia