مشروع استقلال منسي 2  2

مشروع استقلال منسي (2 - 2)

مشروع استقلال منسي (2 - 2)

 تونس اليوم -

مشروع استقلال منسي 2  2

عمار علي حسن

ويرسم الجبرتى هنا ملامح شيخ العرب همام كرجل بلغ من الكرم حدّاً واسعاً، يمكن أن تضرب به الأمثال على غرار ما جرى مع حاتم الطائى، فنقول «كرم حاتمى» ويمكن أن نقول «كرم همامى». ولكن قيمة الكرم ليست هى الخلاصة المعبرة عن تجربة هذا العربى الكبير، وإنما قيمة الطموح السياسى والشجاعة، التى جعلت أهل الصعيد يحنون إليه، ويستدعونه كلما ألمت بهم المصائب، ويتحدثون عن مشروعه السياسى الذى قتلته الخيانة، كلما ضاقت بهم الظروف، وشعروا بغبن شديد من إهمال الدولة المصرية الحديثة لشئونهم، وتحيُّزها ضدهم فى توزيع الموارد، ويرددون ما ذكره جمال حمدان فى موسوعته الأثيرة «شخصية مصر»: «إذا كانت الدلتا قد أمدّت مصر بالمال، فالصعيد أمدها بالرجال» متمثلين فى سيرة شيخ العرب وغيره من رجال الصعيد الأشداء الأفذاذ، الذين تحولوا إلى أساطير يتغنى بها الناس.

ووراء قصة شيخ العرب همام دلالات لا تنتهى، فهو من قبيلة جاءت من المغرب العربى أيام الفاطميين، لكن أصلها يمتد إلى جزيرة العرب قبل أن يرحل رجالها الأوائل إلى الغرب هرباً من الظلم السياسى. ومن هنا تبرهن قبيلة «الهوارة» ليس على البعد العربى العميق لمصر فحسب، ولكن أيضاً على التواصل البشرى لسكان المنطقة الشاسعة الممتدة من المحيط إلى الخليج، والكامن فى رحم التاريخ القديم والوسيط، لاسيما إنْ تعمقنا فى الدراسات التى تثبت أن الفراعنة وصلوا إلى جزيرة العرب، وأن بعض الأديان التى كانت سائدة فيها قبل الإسلام ذات جذر مصرى قديم.

وتبقى المسألة الأكثر مرارة فى قصة شيخ العرب همام هى الخيانة، التى جاءته من أقرب الناس إلى نفسه، وهو ما ترويه لنا كتب التاريخ قائلة: «راسل محمد بك أبوالدهب، إسماعيل أبوعبدالله ابن عم همام واستماله ومنّاه برياسة البلاد حتى ركن إلى قوله وصدق تهويماته وتقاعس وتثبط عن القتال وخذل طوائفه ولما بلغ شيخ العرب همام ما حصل ورأى فشل القوم خرج من فرشوط وتركها بما فيها من الخيرات، وذهب إلى جهـة إسنـا فمات فى بلدة تدعى قمولة رحمه الله‏، مكموداً مقهوراً. ووصل محمد بك ومن معه فرشوط فلم يجدوا مانعاً فملكوها ونهبوها وأخذوا جميع ما كان بدوائر همام وأقاربه وأتباعه من ذخائر وأموال وغلال، وزالت دولة شيخ العرب همام من بلاد الصعيد فى عام 1769 كأنها لم تكن».

لقد غطى الغزو الفرنسى لمصر عام 1798 ومشروع محمد على الذى بدأ فى عام 1805 على حكاية شيخ العرب همام، وجاء المسلسل الذى كتبه عبدالرحيم كمال وكان بطله يحيى الفخرانى لينبش عنها ويعيدها إلى الواجهة، ويقدم للعرب المعاصرين أمثولة غنية بالعظات والعبر، وعاها قبل نحو قرنين أبوالتنوير العربى الحديث رفاعة رافع الطهطاوى، فقال فى كتابه الشهير «تخليص الإبريز فى تلخيص باريس»: «.. ولكن لما كانت الرعية لا تصلح أن تكون حاكمة ومحكومة وجب أن توكل عنها من تختاره منها للحكم، وهذا ما حصل فى زمن حكم الهمّامية فكانت الصعيد جمهورية التزامية».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع استقلال منسي 2  2 مشروع استقلال منسي 2  2



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia