ما بين شرم الشيخ وباريس

ما بين شرم الشيخ وباريس

ما بين شرم الشيخ وباريس

 تونس اليوم -

ما بين شرم الشيخ وباريس

عمار علي حسن

ها هو الإرهاب الأسود يضرب فرنسا، رغم أنها متحسبة وحذرة منذ حادث «شارلى إيبدو» مطلع العام الحالى، لكن دوماً تمضى القاعدة التى تقول: لا يمكن لدولة يقصدها إرهابيون بإصرار أن تتجنب أذاهم تماماً، مهما كانت أجهزتها الأمنية يقظة.

حين وقع حادث سقوط الطائرة الروسية بعد أن أقلعت من مطار شرم الشيخ، استبقت الدول الغربية نتائج التحقيقات فى الحادث وراحت تفصح على استحياء وتلمح بشكل واضح إلى أن عملاً إرهابياً وراء الحادث، ثم تستغله، بلا ورع ولا روية، فى تهييج الرأى العام الروسى ضد الرئيس بوتين، رابطين بين تدخل روسيا فى سوريا وبين سقوط الطائرة، مما أجبر بوتين على أن يتخذ قراراً بمنع ذهاب الروس إلى مصر، وإجلاء ما تبقى منهم على أرضها سائحين.

فى هذا الحادث تم تجريس الأمن المصرى، ورميه بالإهمال والتسيب وقلة الكفاءة، رغم أن مصر تخوض حرباً ضروساً ضد الإرهابيين فى شمال سيناء، وتواجه أذاهم من تخريب وتدمير وقتل فى بقية المدن المصرية، وقد حققت فى هذا تقدماً ملموساً، وعليها أن تنتقل فى مواجهة الإرهاب من هذه الإجراءات المؤقتة إلى معالجة شاملة، فكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية، علاوة على الإصلاح الدينى.

بدأت الحكومة الفرنسية فى اتخاذ إجراءات استثنائية، وفرنسا هى بلد الحريات، ولا يستطيع أحد أن يلومها، فهى تعمل ما يحفظ حياة مواطنين اختاروها، ويعولون عليها فى أن تعمل دوماً لصالحهم، ولا يوجد أهم من حفظ حياة الناس، وحمايتهم من الترويع الذى رأيناه فى الصور والأفلام التى نقلت من مواقع الأحداث المرعبة.

فى قابل الأيام سيعيش العرب والمسلمون ليس فى فرنسا وحدها، بل فى أوروبا كلها، أياماً عصيبة، فهم دوماً يدفعون ثمن تصرفات مجموعة من القتلة الحمقى، ولن تنفعهم تماماً إدانة الحادث وإعلان التعاطف والاصطفاف مع الفرنسيين الأقحاح، فالإرهابيون خارجون من بينهم، والأفكار التى يستندون إليها مبثوثة إلى حد ما فى أذهان بعض الذين يعيشون فى فرنسا منذ سنين، وجاءت وسائل التواصل الإلكترونى السريعة والمتقدمة لتعطى فرصة لمراكز التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها داعش، فى تجنيد بعض الشباب لينفذوا عمليات لصالحها، سواء عبر ما يسمى «الذئاب المنفردة» أو بهذه الطريقة المنظمة والمخطط لها بعناية والتى اتبعت فى حادث باريس.

أمام فرنسا والغرب خياران الآن، إما الخضوع لابتزاز داعش وتهديداتها والانسحاب من الحرب على داعش، أو الإصرار على مواصلة القتال ضد هذا التنظيم. وفى كل الأحوال فإن الدول الغربية مطالبة الآن أكثر من أى وقت مضى أن تنسق أمنياً مع الدول العربية، وأن تقلع عن التعاطف مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية تحت أى حجة أو ذريعة، وألا توظفها مستقبلاً لخدمة أغراضها ومصالحها السياسية، فمن يمسك النار ليحرق غيره يمكن أن يحترق هو، بل من المؤكد أنه سيحترق.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين شرم الشيخ وباريس ما بين شرم الشيخ وباريس



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia