«القاعدة» ينافس «داعش»

«القاعدة» ينافس «داعش»

«القاعدة» ينافس «داعش»

 تونس اليوم -

«القاعدة» ينافس «داعش»

عمار علي حسن

وجد تنظيم القاعدة الأضواء تنحسر من عليه لحساب «داعش» فسارع إلى تنفيذ عمل إرهابى لافت فى دولة مالى، حيث لم تتمكن التنظيمات الإرهابية من السيطرة على جزء من أراضى البلاد وإعلان «إمارة» عليها نظراً للتدخل الغربى، خصوصاً الفرنسى، الذى حرمها من أن تحقق هذه الأمنية التى يصر عليها الإرهابيون فى بلدان عديدة، فعادوا إلى طريقة أخرى لا تعاقب، هذه المرة، السلطات المالية ولا الفرنسيين فحسب، بل تنال من دول عديدة، وتريد أن تقول: «القاعدة لا تزال هنا».

لقد توجَّهت أنظار العالم كله إلى العاصمة المالية باماكو قبل أكثر من أسبوعين، لتتابع حدث اقتحام فندق «راديسون بلو» واحتجاز رهائن يحملون جنسيات متنوعة، فرنسية وأمريكية وصينية وتركية وغيرها، ثم الشروع فى قتلهم، لتتدخل لإنقاذهم قوات مالية تساندها وحدة خاصة من الجيش الفرنسى، مرابطة على أرض مالى ويصل عددها إلى 300 فرد، ولولا أن هذا التدخل جاء حاسماً، إلى حد ما، لتمكن الإرهابيون من إزهاق أرواح أضعاف عدد القتلى.

هذا الحادث فتح الباب أمام نقاش حول الخطط والحيل والأساليب الجديدة للتنظيمات الإرهابية، وعما إذا كانت قد انتقلت من خطف الأرض، باقتطاع جزء من الدول وإعلانه إمارة لها، إلى القيام بعمليات نوعية تتمثل فى الهجوم على مناطق حيوية تمكنها من الانتقام لنفسها، وإثارة جلبة إعلامية عارمة حولها، وهذا أحد الأهداف التى تسعى إليها، لفرض وجودها ونفوذها فى المجال السياسى والاجتماعى العام، وجذب أنصار لها، يحسبونها تتقدم نحو النصر.

فى الحقيقة فإن لعبة الكر والفر ليست جديدة فى سلوك التنظيمات الإرهابية، بل الجديد فى الحقيقة هو اقتطاع الأرض وإعلان الدولة كما فعل «داعش» فى سوريا والعراق، لكن كانت هذه التنظيمات تكر وتفر فى السياق المحلى، وبطريقة مختلفة نسبياً. ففى الماضى كان الإرهابيون يحرصون على أرواحهم، وبالتالى بدوا دوماً أقل جسارة ووحشية مما هم عليه فى وقتنا هذا، فهم الآن إما أن يفخخوا أنفسهم، كما جرى فى بيروت قبل أيام، أو يهجموا ببنادقهم ورشاشاتهم وقنابلهم دون اكتراث بأن يبقوا على قيد الحياة، ولذا يمعنون فى القتل والتخريب إلى أقصى حد، وهم يتوهمون أن الله يقربهم إليه كلما زاد عدد قتلاهم.

فى باريس رأينا انتقاماً من فرنسا، وهو انتقام ليس بعيداً عما فعلته فى مالى قبل عامين حين حرمت تنظيم «المرابطون» بتحالفه مع «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى» من الاستيلاء على شمال مالى وإعلان دويلة عليه، على غرار ما جرى فى سوريا والعراق والصومال. وقبلها فى بيروت رأينا انتقاماً من «حزب الله» لتدخله فى سوريا، أما فى باماكو فرأينا انتقاماً من الجميع، الدولة المالية والغرب والشرق معاً. فضحايا الحادث موزعون على جنسيات عدة، وقتلهم يتم دون تفرقة، بين دولة شاركت فى التصدى للتنظيمات الإرهابية فى مالى وأخرى لم تفعل، وهو ما يعنى أن الإرهابيين صاروا غير معنيين لا بـ«التوقف والتبين» أمام كل حالة، كما كانوا يفعلون قبل عقود من الزمن، ولا بآثار ما يفعلونه على صورتهم لدى المجتمعات الإسلامية ولا المجتمع الدولى، الذى كان بعضه ينظر إليهم فى الماضى باعتبارهم «مناضلين» بل رأينا مثل هذا الوصف يأتى فى كتب باحثين غربيين كبار مثل فرانسوا بورجا وجيل كيبيل وهربرت دكمجيان وغيرهم.

حادث مالى قد يكون استعادة لأسلوب «القاعدة» الذى ستفضله تنظيمات إرهابية فى المستقبل، فإن عجزت عن خطف الأرض، ومواجهة الجيوش النظامية، فإنها ستقوم بما تسميه «غزوات» أو «عمليات نوعية» ضد مصالح أجنبية فى بلاد المسلمين، سفارات وشركات وهيئات وجاليات، للانتقام ولفت الانتباه بشدة، أملاً فى أن تفرض نفسها لاعباً سياسياً رئيسياً، وتملى شروطاً نحو تحقيق أهدافها، لكن ما نراه الآن، أن العالم يزداد توحداً وإصراراً على مواجهة الإرهابيين فى أى مكان، وهذا تطور مهم انتظره كثيرون طويلاً، ستنكسر على نصاله موجة الإرهاب العاتية التى يمر بها العالم حالياً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«القاعدة» ينافس «داعش» «القاعدة» ينافس «داعش»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia