محمد سلماوي
هل هى صدفة؟ فى كل مرة يتخذ تنظيم الإخوان خطوة ما أجد صحيفة الـ«نيويورك تايمز»، الأمريكية، تصعد من هجومها على الحكم فى مصر، وكأنها - عن قصد أو غير قصد - تدعم عمليات الإخوان على الأرض من خلال افتتاحياتها المعادية لمصر، والتى أصبحت ظاهرة متكررة تثير العديد من علامات الاستفهام.
وآخر هذه السلسلة من الافتتاحيات هى تلك التى نشرت يوم 1 ديسمبر، والتى تهاجم فيها الصحيفة الحكم ببراءة مبارك، ففى الوقت نفسه الذى يقوم فيه الإخوان وعملاؤهم بتهييج الرأى العام هنا فى مصر والتباكى على الثورة التى لم يصنعوها تنشر الصحيفة تلك الافتتاحية التى تردد نفس هذا المنطق، فتدعى أن براءة مبارك هى نهاية ما تسميه «الربيع العربى»، وكأنها ليست الجريدة التى حفلت افتتاحياتها قبل الثورة بالإشادة بحكمة الرئيس المصرى وحنكته السياسية Statesmanship.
وكما تتمحك عناصر الإخوان فى شباب الثورة، محاولة تهييجهم بالجامعات، تتمحك الجريدة هى الأخرى فى الشباب، فتقول إن الحكم ببراءة مبارك هو إهانة لجموع الشباب الذين خرجوا فى المظاهرات فى يناير 2011، وتتناسى الجريدة أن جموع الشباب هذه التى هتفت بسقوط مبارك هتفت فى الوقت نفسه بسقوط الولايات المتحدة وسياستها المنحازة دوماً ضد مصر والموالية لإسرائيل، وانصياع مبارك لتلك السياسة كان أحد أسباب الثورة عليه.
وتصل الجريدة فى هجومها على مصر إلى حد الادعاء أن الرئيس عبدالفتاح السيسى استبعد إمكانية الطعن على حكم البراءة، وحين تبحث عن أسانيد هذا الادعاء تجد أن الجريدة استندت إلى قول الرئيس إن علينا أن ننظر إلى الأمام لا إلى الماضى، وقد كان هذا القول موجهاً للولايات المتحدة فى الأساس وورد فى أحد أحاديثه الخارجية، داعياً واشنطن - فيما بدا - إلى التخلى عن دعم الإخوان والنظر إلى المستقبل.
ويلاحظ أن الجريدة لا تشير فى افتتاحيتها إلى الرئيس إلا على أنه خلع أول نظام انتخب ديمقراطياً، وتقصد به الإخوان بالطبع، فكانت بذلك هى التى وجهت الإهانة لجميع المصريين الذين انتخبوا هذا الرئيس، والذين فاقت أعدادهم من انتخبوا الإخوان الذين تتباكى عليهم الجريدة.