ازدواجية الغرب

ازدواجية الغرب

ازدواجية الغرب

 تونس اليوم -

ازدواجية الغرب

محمد سلماوي

رغم ثورة الرأى العام العالمى ضد الوحشية الإسرائيلية فى ضرب الفلسطينيين المحاصرين فى غزة فإن هذا الغضب لم ينعكس، بأى حال من الأحوال، على المواقف الرسمية للدول الغربية التى مازالت يؤكد بعضها «حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»، ويمنع بعضها الآخر المظاهرات المناهضة لإسرائيل أو المؤيدة للشعب الفلسطينى.
ولقد شرحت، فى مقال فى الأسبوع الماضى، أن ذلك التأييد الشعبى الدولى غير المسبوق يعود إلى أن إسرائيل فقدت تحكمها فى المعلومات التى تصل للرأى العام عن طريق الصحافة والإعلام بعد أن صارت وسيلة نقل المعلومات الأولى الآن فى العالم هى شبكات التواصل الاجتماعى عن طريق الإنترنت التى لا يمكن التحكم فيما ينشر بها.
لكن ما أود الإشارة إليه هنا هو تلك الازدواجية الصارخة فى المعايير والتى طالما ميزت السياسة الغربية، خاصة الأمريكية فى الشرق الأوسط، فما يحدث فى غزة الآن هو ضرب وحشى لشعب محاصر داخل 360 كيلومتراً مربعاً هى كل مساحة قطاع غزة، وإنذارات واهية للسكان بمغادرة المكان الذى لا يستطيعون الهروب منه، فالبحر أمامهم والحدود المغلقة وراءهم، سواء كانت إسرائيلية أو مصرية.
لقد ثارت الحكومات الغربية حين تم اقتحام اعتصام رابعة فى مصر، واتهمت قوات الأمن آنذاك بالوحشية والقتل، بينما لم يتحرك لها ساكن حين ضُرب الفلسطينيون المحاصرون فى غزة، مع العلم بأن السلطات المصرية طلبت من معتصمى غزة مغادرة المكان وفتحت لهم الطريق، مؤكدة أن من سيخرج من ذلك المعسكر المدجج بالسلاح سيكون آمناً، بينما فى حالة الفلسطينيين لم يكن هناك مكان واحد آمن فى غزة، وقد شاهدت مراسل قناة «فرانس 24» الفرنسية يصف على الهواء كيف وجهت السلطات الإسرائيلية فى إحدى المرات إنذاراً للفلسطينيين بمغادرة منازلهم والاحتماء بمبانى الأمم المتحدة، فلجأوا إلى مبنى المدرسة التابعة لها فجاءت الطائرات المغيرة وضربت المدرسة على الفور، كما ضربت قوات الاحتلال المستشفيات والمنشآت العامة، بحجة أن حركة حماس تخبئ بداخلها السلاح أو تقيم تحتها الأنفاق، فهل كانت الأمم المتحدة هى الأخرى تخبئ السلاح فى مبانيها وتقيم تحتها الأنفاق؟!
لقد وصل عدد ضحايا هذه السياسة الوحشية، التى تمثل جرائم حرب لا تغتفر إلى ألف شهيد، من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ، بالإضافة إلى عدة آلاف من الجرحى ومن أصيبوا بعاهات مستديمة، وهو ما لم يحدث فى رابعة التى أقام الإعلام الغربى الدنيا عند فض اعتصامها ولم يقعدها.
من ناحية أخرى، وجدنا فرنسا تحظر المظاهرات المنددة بالوحشية الإسرائيلية لـ«أسباب أمنية» وتقبض على كل من يخرق هذا الحظر، فى الوقت الذى مازالت تتباكى فيه هى وبقية الدول الغربية على الوضع المطابق لذلك فى مصر، ولم نسمع منها أى نقد لموقف فرنسا فلم يصفه الإعلام بأنه حجر على حرية الرأى وانتهاك لحقوق الإنسان، فهل هناك ازدواجية أكثر من ذلك؟!

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ازدواجية الغرب ازدواجية الغرب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia