أطفال الشاطئ

أطفال الشاطئ

أطفال الشاطئ

 تونس اليوم -

أطفال الشاطئ

محمد سلماوي

كانوا أربعة أطفال: عهد وزكريا ومحمد وإسماعيل، أكبرهم عمره عشر سنوات، مروا على الشاطئ فى غزة، فوجدوه خالياً تماماً، رغم كثرة المصطافين فى هذا الشهر الحار من السنة، كانت تلك فرصتهم التى لا تتكرر كثيراً فى القطاع الذى ضاق على سكانه. مليونان من البشر يعيشون على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً.
لكن ها هو الشاطئ، اليوم، لهم وحدهم برماله البيضاء الممتدة تحدوها زرقة البحر الهادئة، والهواء المنعش النقى يمنحهم فرصة نادرة للإحساس بالحرية والانطلاق.
وجد عهد نفسه يركض فوق رمال الشاطئ الناعمة، امتلأت رئتاه بهواء البحر القادم من بعيد، تبعه زكريا، فقال محمد لإسماعيل: تعال نسبقهما، رد إسماعيل: قالت لى والدتى ألا أنزل البحر وحدى، فأنا ولدها الوحيد، وهى لا تريد لى أن أغرق، قال محمد الذى كان يكبره بسنة: لا تخف، لن ننزل البحر سنسابق عهد وزكريا، ألا ترى كم هو جميل الشاطئ؟
كان عهد وزكريا قد قطعا أكثر من 50 متراً، فبدأ إسماعيل ومحمد يلحقان بهما فى محاولة مضنية لكسب ذلك السباق الطفولى الذى لم ينظمه أحد، والذى راقبته طيور النورس البيضاء تحلق فوقهم تراقب سباقهم المرح كأنها ستعلن فى النهاية اسم الفائز.
لكن فجأة شاهد زكريا على الرمال خيال النورس وقد كبر، فصار عملاقاً وصدرت عنه أصوات مرعبة كأزيز الطائرات، أصوات قد تكون عادية لسكان العالم جميعاً لكنها بالنسبة للناس فى غزة هى نذير شؤم ينبئ بمجىء الموت والدمار وهدم الديار.
توقف زكريا فى مكانه ولحقه عهد، أراد زكريا أن يقول لعهد: أنا الذى كسبت السباق لكنه حين فتح فمه خرجت منه صرخة عصفور أصيب بقذيفة قصفه بها ذلك الطائر المخيف الذى يظل يصطاد الأطفال الأربعة واحداً واحداً: زكريا، ثم عهد، ثم محمد وأخيراً إسماعيل الذى كانت صرخته الأعلى، رغم أنه أصغرهم، فسمعتها والدته فى البيت، وخرجت كالمجنونة تبحث فى الشوارع عن وحيدها، وصرخت أيضاً طيور النورس التى كانت تتابع سباقهم صرخات ملتاعة كأنها صفارات إنذار تستدعى سكان غزة جميعاً: أن تعالوا تسلموا جثث أطفالكم الأبرياء.
سال دم الأطفال الأربعة على الرمال البيضاء الناعمة يكتب بحروف حمراء قانية صفحة جديدة فى سلسلة الجرائم الوحشية التى دامت طويلاً، لأن أحداً فى العالم لا يحاسب مرتكبيها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال الشاطئ أطفال الشاطئ



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia