في الزواج المبكر

في الزواج المبكر

في الزواج المبكر

 تونس اليوم -

في الزواج المبكر

بقلم : رياض صبح

لم اعتد ان اناقش مسائل حقوق الإنسان من منظور شرعي، ولكن ما دفعني هو أن الحجة الرئيسية للقانون الذي يجيز الزواج بسن 15 هو سند الشريعة الإسلامية، ويمكن مناقشة الموضوع بالتالي:

أولا: إن الفقه الإسلامي هو السند لحجة الزواج المبكر،  والفقه أعد بظروف زمانية قبل أكثر من ألف عام، وهو ما كان يتناسب مع الثقافة العامة للمجتمع ومع قدرة الفرد على الإنتاج الزراعي والرعوي بعمر صغير، حيث يستطيع آنذاك الشاب الذكر أن ينتج زراعيا ورعويا بعمر 15 سنة وذلك بالقيام بالفلاحة والرعي، كما أن الفتاة كانت تستطيع القيام بالأعمال المنزلية وكذلك رعاية الدواجن والرعي والزراعة بذات العمر أيضا. إلا أن هذا الوضع قد تغير فلا يستقيم مع الدور الإنتاجي في العصر الرأسمالي، حيث أن الطفل ينهي دراسته المدرسية بعمر 18 كحد أدنى ناهيك عن الدراسة الجامعية ومرحلة البطالة بعد التخرج، الأمر الذي يرفع فعليا وواقعيا القدرة على الإنتاج إلى أكثر من ذلك بكثير، وبالتالي ارتفع سن الزواج فعليا إلى متوسط عمري لا يقل عن 28 عاما، وبالتالي فإن الطفل بعمر 15 سنة يكون لديه ( ربما) القدرة الجنسية على النكاح، ولكن غير قادر على الإعالة وتأسيس ورعاية الأسرة سواء أكان ذكرا أم أنثى، لأن متطلبات الأسرة أكبر بكثير من الدور الجنسي الذي تختص به الحيوانات على غير الدور الواسع للإنسان في أسرته.

ثانيا: استند الفقه الإسلامي على مبدأ التشجيع على الزواج عموما وهو أمر حسن، ولكن إصراره على عمر 15 سنه كأهلية للزواج استنادا إلى حديث الرسول، حيث أن هذا الحديث لم يحدد سنا للزواج وإنما اشترط الباءة للزواج، والباءة تعني القدرة، والتي تشمل الجنس والعمل أو الإنتاج وأيضا النمو العقلي والخلقي، وهو ما لا يتوافر في عصرنا هذا في عمر الطفل 15 سنة كما أسلفنا توضيحا، والأمر الآخر أن الحديث يخاطب الشباب، وهي تشمل الذكور والإناث وليست حصرية بالذكور.

ثالثا: إن أصل الزواج في القرآن الكريم هو مبدأ - كما وصفه القرآن- "بالميثاق الغليظ" مؤكدين على أن الأساس هو الميثاق وليس العقد الذي اجتهده الفقهاء، حيث لم يرد عقد الزواج في القرآن الكريم، والفرق بينهما هو أن العقد يحدد الإلتزامات، بينما يركز الميثاق على العلاقة والتفاهم والمودة والرحمة، ولا يمكن تحقيق الوصول إلى الميثاق الا بموافقة تامه للزوجين والتي تحتاج إلى موافقة تامة لشخص كامل الأهلية، ومؤكدين على أن التزام الميثاق لا يقبل التوكيل كما العقد الذي يقبل التوكيل، بمعنى ضرورة حضور الزوجين مقابل بعضهما وموافقتهم موافقه فعليه كاملة الأهلية في تأكيد علاقة المودة والرحمة ( بمعنى التفاهم القيمي والرابط الأخلاقي والاجتماعي في الزواج) وهذه الأهلية للميثاق يصعب توفيرها بعمر الطفولة بل ينبغي أن يكون لشخص بالغًا بلوغا تاما ولديه وعي لمتطلبات الحياة والقيم التي تربط الزواج.

فأمام كل هذه المعطيات فإنني استغرب الإصرار على المرجعية الفقهية كشرط لقانون الأحوال الشخصية في أهلية الزواج من الناحية العمرية، دون الالتفات إلى المرجعية الأساس وهي القرآن بالدرجة الأولى والسنة النبوية بالدرجة الثانية، وإذا كان للفقهاء في الماضي لهم مبرراتهم ( رغم عدم توافقي التام معها)، فإن مرجعيتهم ليست سوى اجتهاد لا يلزمني بشيء ما دامت المرجعية الأساس (القرآن) لم تلزمني بقولهم. وعليه ادعو كل المعنيين بقانون الأحوال الشخصية إلى ضرورة إعادة النظر بالأمر ورفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاما توافقا مع القرآن والسنة، ومع اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الأردن.

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الزواج المبكر في الزواج المبكر



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia