المذهب الفردي وصراع العلوم

المذهب الفردي وصراع العلوم

المذهب الفردي وصراع العلوم

 تونس اليوم -

المذهب الفردي وصراع العلوم

بقلم: الدكتور مظهر محمد صالح

عد الفيلسوف كارل ماركس من القرن التاسع عشر، الاول في استعمال عبارة الفردية او المذهب الفردي والتي كررها في كتاباته ، باشمئزاز كبير ولمرات عديدة ، قبل ان تأخذ العبارة المذكورة حيزاً واسعاً في الاستعمال الاصطلاحي لدى صناع القرار في نهايات القرن العشرين.
بل شكل المذهب الفردي البذرة التأسيسية لمدرستي: (الاقتصاد الريغني) نسبة الى الرئيس الاميركي رونالد ريغن (والتاتشرية الاقتصادية ) نسبة الى مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة. واللتين شيدتا النواة في نشر مبادئ الليبرالية الجديدة والمحافظين الجدد والدعوة الى العولمة.

ولا يخفى ان مصدر المذهب الفردي وشيوعه هو ذلك البلد الاوروبي الصغير (النمسا) .ففي القرن التاسع عشر نشر كارل منجر، مؤسس المدرسة الاقتصادية النمساوية، كتابه الموسوم «مبادئ علم الاقتصاد» العام 1871. إذ غدا المذهب الفردي من الاتجاهات السائدة في المجتمعات الاوروبية التي تتطلع الى تشجيع حرية الفرد والتركيز على الفرد نفسه على حساب الروابط التقليدية للعائلة والتماسك الاجتماعي.
كما يرى المذهب المذكور ان حرية الفرد تشكل البنية الثقافية المولدة لروح المبادرة التنظيمية و الابتكار في النشاط الاقتصادي وهي الضمانة المثلى لتوسع النظام الراسمالي.

يعتقد اصحاب المذهب الفردي ان القيم والحقوق والواجبات كافة هي متأصلة بالافراد انفسهم، ولابد من ان تتفوق مصالحهم اخلاقياً على تلك الكيانات المجردة (مثل المجتمع) على حد قولهم.
وبالمقابل استمرت المدرسة الكلاسيكية الاقتصادية كُليةً في تفكيرها مبتعدةً عن الجزئية من حيث النظر الى الامة جميعها. فعندما يتخذ الناس قراراً معيناً بصورة جماعية تأتي تصرفاتهم في نهاية المطاف منسجمة فيما بينها.
وان الاداء الاقتصادي للامة كلها مثل تقدير الدخل الوطني والتضخم والاستخدام سيولد ما يعرف بالاقتصاد الكلي.
وعلى خلاف ذلك نجد ان المدرسة النمساوية تنتمي الى ما يسمى بالاقتصاد الجزئي في تقييم قرارات الافراد الاقتصادية.

فعلى سبيل المثال، تبدأ المدرسة النمساوية من عبارة لماذا يتخذ (الفرد) قراره في الشراء، في حين تبدأ المدرسة التقليدية من عبارة لماذا يتخذ (الناس) قراراً بالشراء؟
وبين هذا وذاك فقد ظل ، مؤسس المذهب الفردي في الاقتصاد، العالم النمساوي كارل منجر، مدافعاً بان الاقتصاد الجزئي الذي هو اساس فرديته هو ليس من العلوم الصرفة مهما بلغت درجة التحليل التجريبي فيه.
وانه مجرد فرع من العلوم الاجتماعية التي تهدف الى تصنيف الناس ووضع افعالهم وانماط سلوكهم باطار منطقي، وان غايته من ذلك هو تأكيد الطبيعة المضطربة لعلم الاقتصاد، مبتعداً في الوقت نفسه عن استعمال التحليل الرياضي والاحصائي.

ختاماً، فعلى خلاف المذهب الفردي والمدرسة النمساوية، اظهرت نتائج الاختبارات الاحصائية والتجارب القياسية في مجال الاقتصاد الجزئي، التي قام بها كولن كاميرون من معهد «كاليفورنيا للتكنولوجيا» والذي نشرت ابحاثه بين العام 2011 والعام 2014 في المجلة الاقتصادية الاميركية، ان نسبة 61 بالمئة من تجاربه جاءت مطابقة للوقائع الاقتصادية وهي نسبة مؤثرة ومماثلة لنتائج تجارب العلوم الطبية والوراثية وغيرها من العلوم الصرفة.

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المذهب الفردي وصراع العلوم المذهب الفردي وصراع العلوم



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia