الظلمي الوداع الأخير

الظلمي.. الوداع الأخير !!

الظلمي.. الوداع الأخير !!

 تونس اليوم -

الظلمي الوداع الأخير

بقلم :جمال اسطيفي

يبدو أن قدرنا هذه الأيام أن نكتب كلمات الرثاء فقط، فأوراق الرياضة المغربية تتساقط، وآخرها عبد المجيد الظلمي، الذي كتب الفصل الأخير من حياته عشية أمس الخميس، إثر نوبة قلبية وضعت نقطة نهاية لمسار كروي وإنساني حافل.

بدا خبر وفاة الظلمي صادما للكثيرين، وخصوصا لمن يتابعونه عن بعد، لكن المقربين من الظلمي يعرفون أن الحالة الصحية للرجل تتدهور يوما بعد الآخر، ولعل الصورة الأخيرة له مع مصطفى الحداوي، التي التقطت يوما واحدا فقط قبل و فاته، تلخص المشهد، وتقول كل شيء.
ستتعدد الشهادات التي ستتحدث عن مناقب الرجل، وكيف أنه كان لاعبا فذا سبق عصره، وإنسانا خجولا، وسينخرط الجميع في الحديث عنه باستفاضة، لكن لا أحد سيتحمل مسؤوليته و سيتحلى بالشجاعة ليقول إن الظلمي قتل، وإن أطرافا عديدة تتحمل المسؤولية في ما آلت إليه حياة “المايسترو”، الذي ترك خلفه زوجة و 4 أبناء دون معيل.

قد تتساءلون بحرقة من قتل الظلمي، و لعلكم ستعتقدون أننا نعترض على قضاء الله و قدره !!
لا اعتراض على قضاء الله، فالموت حق، لكن الظلمي ضحية لرفاق وأصدقاء قادوا الرجل إلى الكثير من المتاهات والمطبات، وظلوا يتابعون مساره بصمت قاتل مستغلين عفته و خجله و معدنه الأصيل.

الظلمي ضحية لمنظومة كروية فاسدة، تقتل الرموز بلا رحمة وتحجب عنهم الأضواء، و تجعل الأضواء تنحسر حول مسيري آخر زمن.

الظلمي ضحية لدولة تنتظر من يستجديها ويمرغ كرامته في الوحل من أجل أن تمد له يد العون و المساعدة، بدل أن تكون سباقة للمبادرة لتصون هذا الرأسمال اللامادي، وتحفظ للمرء كرامته و كبرياءه.

و لعل العارفين بالأمور يتذكرون جيدا كيف أنه لدى استقبال الملك محمد السادس لفريق الرجاء بعد بلوغه نهائي كأس العالم للأندية أمام بايرن ميونيخ الألماني، لم يشأ الظلمي أن يطلب أي شيء من الملك الذي يكن له عطفا خاصا، رغم أن محمد السادس بادره بالسؤال عن حالته.
لقد منعه كبرياؤه من ذلك، رغم أن الرجل في حاجة كبيرة إلى الدعم، حتى لا نقول المساعدة.
لقد قتل الظلمي في حياته أكثر من مرة، لقد سعى الرجل خلف تنظيم مباراة تكريمية تليق بما قدمه لهذا الوطن، لكن أيادي السوء كانت تحول دائما دون أن يظفر الرجل بما يستحق و هو على قيد الحياة .

ولعلي أذكر، كيف أن الظلمي كان على مرمى حجر من تنظيم هذه المباراة، وكيف أنه في كل مرة كان يتم الحديث عن فرق وازنة من قبيل أتلتيكو مدريد وبوكاجونيورز وآخرها أولمبيك مارسيليا.

لكن كل شيء كان يتبخر بفعل فاعل، ليجد الظلمي نفسه وهو يحصد السراب، بل و يواصل الانزواء.

في منتصف شهر دجنبر من سنة 2011، ووقتها كان هناك حديث عن إجراء مباراة تكريمية للظلمي سيشارك فيها فريق مارسيليا الفرنسي، اتصل بي الزميل كريم إدبيهي مؤلف كتاب “المايسترو” الذي يرصد جوانب من حياة عبد المجيد الظلمي.

قال لي بالحرف إن كلاما كثيرا راج عن المباراة التكريمية للظلمي، وإن عبد المجيد يود الحديث معك في الموضوع. لم يكن الظلمي يدلي بحوارت أو تصريحات صحفية إلا نادرا، وعندما أراد التحدث فهمت أن الرجل يريد أن يعبر عن صدمته إزاء ما يجري.

أذكر أننا نشرنا تصريحات الظلمي في صدر الصفحة الأولى للجريدة، وخلالها عبر عن “صدمته الكبيرة إزاء ما رافق المباراة التكريمية التي كان مقررا أن تجمع فريق الرجاء البيضاوي بأولمبيك مارسيليا في رابع يناير 2012 والتي تم تأجيلها إلى وقت لاحق، لم يكتب له أن يخرج إلى الوجود.

وفي هذه النقطة تحديدا لابد أن نسائل منصف بلخياط رئيس مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، الذي تعهد أكثر من مرة بتنظيم مباراة تكريمية للظلمي، قبل أن يتبين أن الأمر يتعلق بفقاعة انتخابية لا غير، وباستغلال ممنهج للشعبية الجارفة للظلمي.

قال الظلمي وقتها إن فرحته كانت كبيرة بعد أن تناهى إلى علمه أنه سيحظى بالتكريم من طرف مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، لكنه عاد ليقول: “للأسف صدمت لما أصابني من إشاعات نقلت عن سوء فهم، تؤكد أنني أرفض المشاركة في حفل التكريم”.

وتابع الظلمي: “إن بادرة تكريمي تلقيتها بصدر رحب، وبحفاوة، لأنها تعيد إلي الاعتبار، وتعترف بما قدمته للكرة المغربية”.

إذا كانت صفحة حياة الظلمي قد طويت، فإن كتاب حياة عائلته مازال مفتوحا، وهنا على الجميع أن يتحمل مسؤوليته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى نمكن الظلمي على الأقل من أن يرقد مرتاحا في قبره.

رحم الله عبد المجيد الظلمي وأسكنه فسيح جنانه وإنا لله وإنا إليه راجعون.

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الظلمي الوداع الأخير الظلمي الوداع الأخير



GMT 11:06 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

نداء للمنخرطين الأحرار والشرفاء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia