طلقة مزابية

طلقة مزابية

طلقة مزابية

 تونس اليوم -

طلقة مزابية

بقلم : حسن البصري

سألت حارس السيارات في مدخل حي كاليفورنيا، وكان يرتدي سترة صفراء أكثر اختناقا بالعلامات الإشهارية من قميص فريق محترف، عن منزل البرلماني عبد اللطيف مرداس الذي قتل رميا الرصاص، فطلب مني ركن سيارتي جانبا في زنقة طرابلس والسير على القدمين لأن الفيلا توجد في زنقة بنغازي.

تراقصت أمام عيني أحداث ليبيا، وتساءلت عن سر هذه المفارقة، وما إذا كانت زنقة بنغازي مساحة مستقطعة من مشهد الدم الذي لازال يضرب أرض عمر المختار، قبل أن يتبين بأن الأمر مجرد صدفة خير من ألف ميعاد مع برلماني، وأن الكتيبة التي نفذت التصفية الجسدية لا علاقة لها بفصائل حفتر أو الموالين لأنصار الشريعة.

قبل أن تجف دموع أفراد أسرة البرلماني، طمأن بلاغ رسمي الجميع حول دواعي الجريمة، وألغى شبهة الجريمة السياسية، وصنفها في خانة جرائم الشرف إلى أن يثبت العكس، بينما كان “عاجل” الجزيرة يحمل نبأ “تصفية معارض سياسي” دون أن تعرف القناة القطرية أن المعارضة والأغلبية في عطلة مدفوعة الأجر. وذهبت قناة مصرية بعيدا في تحليل الواقعة حين صنفت الحادث العرضي في خانة العمل الإرهابي، وقالت إن البحث جار عن “أشخاص تسللوا إلى البلاد” في اجتهاد “عبيط” كله عهر ورخص وابتذال، في ما تساءل محلل نبيه عما إذا كانت السفك بدم مرداس ستنهي عقدة البلوكاج الحكومي.

لكن للقضية جزءا آخر تكسوه العتمة ويلفه الصمت، فالراحل كان يرأس لجنة برلمانية تم تشكيلها سنة 2012، للتحري حول حقيقة داء السمنة الذي امتد لراتب المدرب البلجيكي إيريك غيريتس وما إذا كان معفى من الاقتطاعات الضريبية، في عهد علي الفاسي الفهري.

تردد مرداس بمعية أعضاء لجنته على مقر الجامعة، وفتشوا في أوراق وأقمصة المنتخب المغربي، وفي اليوم الموالي توقفت اللجنة عن الكلام، لأن الصدف شاءت أن يصدر المجلس الدستوري قرارا بإلغاء مقعدين بالدائرة التشريعية لسطات من بينهما مقعد عبداللطيف مرداس رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، نجا الفهري من المساءلة وردد في قرارة نفسه “يحيا العدل”.

لكن مرداس لم يفقد الأمل وأصر على استعادة لقب برلماني، ودخل معسكرا سياسيا مغلقا وعزز هجومه بعناصر متمرسة على سبيل الإعارة الانتخابية، وقرر خوض المباراة في ملعب مزاب مقبرة السياسيين، ورهان الثأر من الهزيمة أمام غيريتس يسكنه ويطرد النوم من جفنيه، رغم أن المدرب البلجيكي دخل في نفس ليلة مقتل مرداس إلى مصحة ببروكسيل نتيجة جلطة دماغية، لا يستبعد أن يستفيق منها حين يعلم بخبر تصفية البرلماني الذي تسلل إلى كشف حسابه البنكي.

يعرف أبناء مزاب بحسهم الهجومي وإيمانهم بأن الهجوم خير وسلية للدفاع، وظلوا حاضرين في المخيال الشعبي القبلي بنزعتهم الحادة، وإيمانهم القوي برائعة مطرب المنطقة ولد قدور التي يقول مطلعها “شدي المكروح بغا يطيح روح”، في مزاب الشيء الوحيد القادر على وقف إطلاق النار بين أبناء المنطقة هي الوتار خاصة إذا أعاد إلى عقارب الدماغ رائعة “العلوة”.

لازال البحث جاريا عما إذا كان حادث زنقة بنغازي معفى من نوايا التصفية السياسية، خاصة بعد ظهور امرأة في مسرح الجريمة، وتورط وسائط التواصل الاجتماعي في القضية، مما يفرض على كثير من سياسيي هذا البلد الاستعانة بسترات واقية من الرصاص، حتى لا يصبحوا عرضة لرصاص لا يفرق بين الأرنب البري والبرلماني، لكن ما نخشاه هو أن يصنف الزعيم الاستقلالي شباط مقتل عبد اللطيف في خانة الجرائم السياسية، ويحرك من جديد ملف سياسيين لف الغموض رحيلهم.

شخصيا أستبعد فرضية التصفية السياسية أو الجنسية لأنه شتان بين سنوات الرصاص وسنوات قلم الرصاص.

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طلقة مزابية طلقة مزابية



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 13:29 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

كأس المدربين وليس كأس الأبطال..

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 16:21 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

أسد يهدد عرش الفرعون

GMT 10:57 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

الاتحاد «بخروه» من «العين» القاتلة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia