متطلبات سن التشريعات الحديثة

متطلبات سن التشريعات الحديثة

متطلبات سن التشريعات الحديثة

 تونس اليوم -

متطلبات سن التشريعات الحديثة

بقلم- القاضي جعفر كاظم المالكي

منذ فجر الحضارات رسمت التشريعات المسار الصحيح في تنظيم حياة الإنسان. وقد تركت حضارة وادي الرافدين العديد من التشريعات التي ضربت مثلا حيا على ذلك،  وربما ابرزها كانت شريعة حمورابي.

إلا أن مسالة سن التشريع ليس بالأمر السهل،  إذ أن وضع نص يمكن اعتماده في تحديد حق أو إجراء أو تنظيم حالة أو صفة يحتاج إلى دقة متناهية ومضامين عديدة تعتمد بالدرجة الأساس على الإمكانيات التي يتمتع بها واضعو النصوص وكذلك الغاية من تشريع النص والطريقة التي يتم من خلالها كتابة هذا التشريع إذ أن كثيراً من النصوص وللأسف تولد ميتة لاستحالة تطبيقيها بالشكل المطلوب أو لتعارضها مع نصوص أخرى أو لسوء صياغتها.

وبالنتيجة فان المشرع يحتاج دائما إلى تهذيب هذه النصوص من خلال إلغائها أو تعديلها،  لكن عميلة الإلغاء أو التعديل هي الأخرى تكون بمثابة تشريع جديد يولد من ذات الرحم الذي ولدت منه النصوص السابقة وقد تمر هي الأخرى بمخاض عسير لكي ترى النور،  إذ أن الغاية التي دعت إلى سن أو كتابة التشريع تتغير بتغير متطلبات الحياة وان كتابة التشريع الوضعي تحتاج إلى مراجعة وادراك متزايد يحتاج إلى بلورة الأفكار من وقت لآخر وبذلك نحن نحتاج إلى اهتمام في عملية إتقان صياغة التشريع لكي لا نضطر إلى إلغاء التشريع أو تعديله بوقت مبكر،  كما أن عملية الإلغاء هي الأخرى تتطلب فهماً واسعاً لأنها تمثل إنهاء لقاعدة قانونية اعتاد الأفراد على التعامل بها إلا أن متطلبات الحال اقتضت هذا الإلغاء،

وقد تترك عملية إلغاء التشريع آثاراً قانونية على الوقائع السابقة أو الوقائع اللاحقة مما يقتضي تسليط الضوء على فكرة الإلغاء لما لها من أهمية في الواقع العملي وتحتاج من المعنيين فحص وتدارك ومتابعة حركة التشريع وبشكل دائم، خصوصا وان تعدد التشريعات وتنوعها يجعل ذلك من الصعوبة بمكان بحيث تحتاج إلى الكثير من الجهد للتعرف على التشريع الساري او التشريع الملغى. حيث لاحظت من خلال مسيرتي القضائية أن التشريع هو الدعامة الأساسية التي تقوم عليها الحقوق واجد في كثير من الأحيان أنها عاجزة عن تلبية متطلبات الواقع بسبب العيوب او الغموض التي تشوبها خصوصا وأن العراق في تحول تشريعي متواصل في ظل الظروف الراهنة إذ أن عملية إصلاح النصوص التشريعية المعيبة تحتاج إلى معالجة دقيقة بحيث يمكنها النهوض بمتطلبات المرحلة. حيث لاحظت أن الكثير من التشريعات التي صدرت في الآونة الأخيرة كانت سببا في إرباك الوضع الراهن بدلاً من معالجته واجد أن الطريق الأساسي في عملية إصلاح النصوص هو إلغاء النصوص المعيبة واعتقد أن العراق في أمٌس الحاجة في الوقت الحاضر للقيام بمراجعة حقيقية للقوانين النافذة خصوصاً وان الكثير منها اصبح يحتاج إلى إلغاء. وأجد أن السلطة القضائية هي اكثر السلطات المعنية بتفسير هذه النصوص أو تطبيقها بشكل مباشر،  لذا لابد من أن يكون للقضاء كلمة قول قبل إصدار التشريع الذي يمس حقوق الأفراد أو التي يكون للقضاء هو المعني بتطبيقها.

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متطلبات سن التشريعات الحديثة متطلبات سن التشريعات الحديثة



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟

GMT 18:04 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

أخبار من اميركا وعمليات إطلاق النار فيها

GMT 04:00 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موصفات سيارة كايلي جينر الرولز-رويسمن طراز Wraith
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia